للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والماتريدية وغيرهم، الذين ينكرون بعض الصفات ويؤولونها، ويثبتون بعض الصفات.

وأول من عرف بالتعطيل من هذه الأمة هو الجعد بن درهم، وكل من جاء بعده من المعطلة فهو مقلد له متأس به في كل ما جاء به من التعطيل أو في بعضه (١).

فالمعطِّلة: هم نفاة الصفات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ولهذا كان السلف والأئمة يُسَمُّون نُفاة الصفات: معطلة؛ لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى، وإن كانوا هم قد لا يعلمون أن قولَهم مستلزمٌ للتعطيل» (٢).

فإن قلت: ما الفرق بين التَّعْطِيل والتَّحْرِيف؟

قلنا: التَّحْرِيف في الدليل، والتَّعْطِيل في المدلول فمثلًا:

إذا قال قائل: معنى قول تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤]، أي: بل قوَّتاه، هذا محرف للدليل ومعطل للمراد الصحيح؛ لأن المراد اليد الحقيقية، فقد عطَّل المعنى المراد، وأثبت معنًى غير المراد.

وإذا قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤]، لا أدري، أفوِّض الأمر إلى الله، لا أثبت اليد الحقيقية ولا اليد المحرف إليها اللفظ، نقول: هذا معطِّل، وليس بمحرِّف؛ لأنه لم يغير معنى اللفظ ولم يفسِّره بغير مراده، لكن عطَّل معناه الذي يراد به، وهو إثبات اليد لله" (٣).

المسألة الثامنة: معنى قوله: "وَكَذَلِكَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ إثْبَاتِ مَا


(١) انظر: تسهيل العقيدة الإسلامية للجبرين (ص: ١٠٠).
(٢) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٥/ ٣٢٦).
(٣) انظر: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (١/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>