للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواه، قديم، أزلي، لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم". وهؤلاء النفاة عطلوا ذلك كله بل ووصفوه بالممتنعات، وسلبوا عنه صفة الوجود والوجوب والقدم.

الدرجة الثانية: درجة المكذبة النفاة:

وهذه الدرجة هي التي عناها المصنف بقوله: "وقاربهم طائفة من الفلاسفة وأتباعهم، فوصفوه بالسلوب والإضافات، دون صفات الإثبات، وجعلوه هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق".

وهي الدرجة عليها غُلاة الجهمية وطائفة من الفلاسفة (١)، وهو كذلك قول ابن سينا وأمثاله (٢).

فهم يصفون الله بالصفات السلبية على وجه التفصيل ولا يثبتون له إلا وجودًا مطلقًا لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان، يمتنع تحققه في الأعيان (٣)، فهؤلاء وصفوه بالسلوب والإضافات دون صفات الإثبات، وجعلوه هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، وقد علم بصريح العقل أن هذا لا يكون إلا في الذهن، لا فيما خرج عنه من الموجودات (٤).

وقد رد المصنف على أصحاب هذه الدرجة من درجات التعطيل فقال: "وقد عُلم بصريح العقل أن هذا لا يكون إلا في الذهن، لا فيما خرج عنه من الموجودات، وجعلوا الصفة هي الموصوف، فجعلوا العلم عين العالم، مكابرة للقضايا البديهيات، وجعلوا هذه الصفة هي الأخرى فلم يميزوا بين العلم والقدرة والمشيئة جحدًا للعلوم الضروريات".


(١) -مجموع الفتاوى ٣/ ٧ - ٨.
(٢) -الصفدية ١/ ٢٩٩، ٣٠٠.
(٣) -مجموع الفتاوى ٣/ ٧، شرح الأصفهانية ص ٥١، ٥٢.
(٤) -مجموع الفتاوى ٣/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>