ولا يقال ليس بقدير عليم، ولا يقال هو متكلم مريد، ولا يقال ليس بمتكلم مريد، قالوا: لأن في الإثبات تشبيهًا بما تثبت له هذه الصفات، وفي النفي تشبيه له بما ينفي عنه هذه الصفات» (١).
وقد رد المصنف على أصحاب هذا القول فقال:"وهذا ممتنع في بدائه العقول، وحرّفوا ما أنزل الله تعالى من الكتاب، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ووقعوا في شرٍّ مما فروا منه، فإنهم شبهوه بالممتنعات، إذ سلب النقيضين كجمع النقيضين، كلاهما من الممتنعات".
لأنهم إن فروا من تشبيهه بالموجودات، وفروا من تشبيهه بالمعدومات بأن زعموا أنهم إذا وصفوه بالإثبات شبهوه بالموجودات، وإذا وصفوه بالنفي شبهوه بالمعدومات فسلبوا النقيضين فإنهم بقولهم هذا وقعوا في شر مما فروا منه لأنهم بهذا القول شبههوه بالممتنعات.
وقوله:"وقد علم بالاضطرار أن الوجود لا بدّ له من موجد، واجب بذاته، غني عما سواه، قديم، أزلي، لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم. فوصفوه بما يمتنع وجوده، فضلًا عن الوجوب أو الوجود أو القدم".
وهنا يستخدم المصنف تعبيرات هؤلاء الفلاسفة ومصطلحاتهم إذ يطلقون مسمى "واجب الوجود" على الله عز وجل بحسب تعبيراتهم، وهم كذلك يقسمون الكون إلى قسمين هما: واجب الوجود ويعنون به الخالق، وممكن الوجوب ويعنون به المخلوق.
وعلى هذا التقسيم لابد لكل واحد منهما من وجود يخصه ويميزه عن غيره.
والفطر السليمة تقر "بأن الوجود لا بدّ له من موجد، واجب بذاته، غني عما