ودخلت تحت لواء الإسلام، ولذلك كان أبو هريرة- رضي الله عنه- يقول حين فتحت هذه الأمصار: افتتحوا ما بدا لكم، فو الذي نفس أبي هريرة بيده ما افتتحتم من مدينة ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك!!
وكنت أحب من المنكرين لنبوة سيدنا محمد أن يتأملوا في هذه النبوات التي صدّقها الزمن، مع أنها قيلت في ظروف وملابسات ما كانت تشجع عليها، فإن أشد الناس تفاؤلا ما كان يجول بخاطره أن يقول هذا، أو يفكر فيه؛ اللهم إلا أن يكون نبيا يوحى إليه.
ولا جائز لقائل أن يقول: لعلها رمية من غير رام فأصابت، لأنا نقول:
إن تاريخ حياته صلى الله عليه وسلم، وما عرف عنه من الاتئاد والتروي في الأمور، وعدم المجازفة في القول، والبصر بالعواقب ونحو ذلك ما أقر به الأعداء والأصدقاء يرد هذا الجواز، ويبعده، فلم يبق إلا أنها نبوات صادقة من نبوات الوحي، فاعتبروا يا أولي الأبصار!!
[جيش المسلمين]
وبعد أن أتم المسلمون الحفر خرج النبي وأصحابه في ثلاثة الاف من المسلمين بعد أن استخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، وكان يحمل لواء المهاجرين زيد بن حارثة، ولواء الأنصار سعد بن عبادة، وأمر الذراري والنساء فجعلوا فوق الاطام (الحصون) ، وأسند ظهر الجيش إلى جبل (سلع) ، وجعل الخندق بينه وبين المشركين.
[دهشة المشركين من الخندق]
وأقبلت قريش بجموعها وهي ترجو أن يكون المسلمون بأحد، فجاوزته إلى المدينة، فإذا بها أمام الخندق، فدهشت وعجبت لأن العرب لم يكن لهم عهد بهذا النوع من الدفاع، واتخذت قريش ومن تابعها مكانا لها حول الخندق، وعسكرت غطفان ومن تبعها من أهل نجد بمكان اخر، ورأوا ألاسبيل إلى اجتياز الخندق، فاكتفوا بالترامي بالنبال عدة أيام، وأيقنوا أنهم سيقيمون أياما