والخير، والرحمة بقيام دولة الإسلام، ولم تكن الحروب انذاك حروبا مشروعة يقصد بها حماية دين، أو إقامة عدل، أو نصر فضيلة؛ وإنما كانت استجابة للأهواء، وحبا في الغلب، والتسلط، واستعباد الشعوب وإذلالهم!!.
ومن هذه الصورة المصغّرة يتبين لنا أن العالم حينئذ كان عالما مضطربا لا أمان فيه، ولا سلام، وشمل الفساد جميع أحواله، ونواحيه، وحقت عليه كلمة الله:
ترى- أيها القارىء- هل يترك الله سبحانه- وهو الرحمن الرحيم- العالم يتخبط في هذه الدياجير المظلمة، ووسط هذه الأمواج الهائجة، التي تتقاذفه ذات اليمين وذات الشمال، وهذه الأوضاع السيئة الجائرة التي ذكرنا لك ذروا منها؟!!.
لا، ما كان الله ليدع العالم هكذا، فيا ترى من ذا الذي اختارته العناية الإلهية والرحمة الربانية ليخلص هذا العالم الحائر المضطرب المظلم، الخائف الذي أمسى على شفا جرف هار؟
إنه نبي التوحيد، ونبي البر، ونبي الرحمة، ونبي العدل، ونبي الملحمة، إنه نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم.
[لماذا اختار الله خاتم أنبيائه من العرب؟]
قلت فيما سبق إن العرب هم أفضل الجنس السامي، وإن لغتهم هي أسمى اللغات السامية، وأثراها، وأكثرها خصائص، وأصلحها لأن ينزل بها كتاب معجز باق على وجه الدهر.
ولئن كان الفساد والاضطراب قد ساد العالم المعروف قبل البعثة المحمدية