للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي (عن عمر (١) - رضي الله عنه - أنَّه بلغه نائحة في ناحية المدينة فأتاها حتَّى هجم عليها في منزلها ثم ضربها بالدرة حتَّى سقط خمارها فقيل له يا أمير المؤمنين إن خمارها قد سقط فقال إنَّه لا حرمة لها) وقد تكلموا (٢) في قوله لا حرمة لها قال بعضهم أنَّها لما باشرت ما لا يحل التحقت بالإماء فلم يبق لشعرها حرمة فجاز النظر إليه كما يجوز النظر إلى شعر الأمة وقد روي عن أبي بكر بن الأعمش أنَّه خرج إلى بعض الرساتيق فرأى جماعة من النساء على شاطئ نهر قد كشفن وجوههن وأذرعتهن فجعل ينظر إليهن ويخالطهن ويحادثهن فقيل له في ذلك فقال لا حرمة لهن وإني لأشك في إيمانهن كأنهن حربيات كأنه بلغه حديث عمر - رضي الله عنه - لكن عندنا أنَّها وإن كانت فاسقة عاصية لم تسقط حرمتها ولم يخرج شعرها من أن يكون عورة وقوله لا حرمة لها معناه لا حرمة لها توجب الإمتناع عن هذا السبب المفضي إلى سقوط خمارها وهو الضرب بالدرة وعن هذا قالوا من أسمع من داره فسادًا جاز الهجوم عليه من غير استئذان الإنكار عليه (٣) لأنَّه لما أسمع من داره فسادًا لم يبق له حرمة يجب لأجلها الإمتناع عن سبب يفضي إلى انتهاك حريمه فصار الحاصل أن الحرمة باقية لكنها لا تنهض شيئًا موجبًا للإمتناع عما يجب إقامته وإن أفضى إلى هتك الحرمة وعلماؤنا رحمهم الله قالوا لا ينبغي للقاضي أن يهجم على الخصم في منزله لأنَّ فيه هتك ستره وانتهاك حرمته (٤) ولا ينبغي أن يفعل ذلك وفيه إشاعة الفاحشة وكل ذلك يجب التحرز عنه فيما أمكن والله أعلم.

باب الحبس في الدين وغيره (٥)

ذكر (عن سلام بن مسكين (٦) قال سمعت الحسن يقول (٧) اقتتل أناس من أهل


= وأنا أشك في إيمانهن فكأنهن حربيات فكأنه بلغه هذا الحديث لكن مع هذا لشعرها وعورتها حرمة لكن معناه لا حرمة لها يجب الامتناع لها عن سبب يفضي إلى هذا لأنها هي التي أذهبت حرمة نفسها وعن هذا الحديث قالوا لا بأس بالهجوم على بيت المفسدين إذا سمع صوت الفساد لأنَّ صاحب الدار لما سمع صوت الفساد من داره فقد أسقط حرمة داره فلا بأس بالدخول فيها من غير إذن وحشمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما فعل عمر - رضي الله عنه - ببيت القرشي والثقفي جوز عمر - رضي الله عنه - الهجوم وأصحابنا قالوا إن في الهجوم هتك ستر المسلم وهتك حرمة محارمه وذلك لا يجوز اهـ.
(١) كذا في الأصلين ولعل الواو سقطت قبل الإنكار أو هو للإنكار والله أعلم.
(٢) وفي س جوز علي - رضي الله عنه - الهجوم.
(٣) وفي س ومنها ما روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بلغه أن نائحة إلخ.
(٤) وفي ص حريمة.
(٥) لفظ غيره ليس بموجود في س.
(٦) بين المربعين زيادة من س.
(٧) وفي الأصل قال.

<<  <   >  >>