أما شعبة فرواه موصولاً مثل رواية سفيان يرويه عنه أبو بكر البرساني.
قال الحافظ في "الفتح"(١/ ٣٠٠): "وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة، لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم، وقول أحمد إن الأحاديث من الطريقين مضطربة، إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وهو ممكن بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطابي، أو يحمل النهي على التنزيه جمعًا بين الأدلة، والله أعلم".
وخالفه محمد بن جعفر: فرواه عن شعبة عن عكرمة مرسلاً، كما في "تهذيب الآثار" لابن جرير (١٠٣٧).
قال ابن أبي حاتم:"سألت أبا زرعة عن حديث رواه سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس: "أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت له، فتوضأ بفضلها وقال: الماء لا ينجسه شيء".
ورواه شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في ميمونة.
فقال: الصحيح عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا ميمونة.
فبيَّن أن الصحيح من الروايات هو الذي من مسند ابن عباس مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هذا الاختلاف لا يضر كما لا يخفى.
وهكذا فإن كلام الدارقطني ليسى فيه التصريح بضعف الحديث، وإنما ذكر ما فيه من الاختلاف، فإنه قال: "اختلف في هذا الحديث على سماك". ولم يقل فيه عن ميمونة غير شريك، وهذا يؤكد أنه ما أراد إلا بيان الوجه الصحيح في روايات الحديث.
والغريب أن المستدرِك -عفا الله عنه- جعل من علله مخالفته للأحاديث الصحيحة، وتغافل عن الحديث الذي احتج هو به في الحديث السابق، وهو ما أخرجه مسلم عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل يفضل ميمونة"، وإلا فإن