ولا ريب أن الحديث بهذه الشواهد لا ينزل عن درجة الحديث الحسن، وهذا الذي جعل البخاري رحمه الله يقول: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط، فإنه لا يحتاط للشريعة بأحاديث ضعيفة أو واهية.
ومما يقرب هذا ويوضحه: ما رواه البخاري في "صحيحة"(٣٦٥ - وانظر أطرافه): عن أبي هُرَيْرةَ - رضي الله عنه - قال:"قام رَجُلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عن الصَّلاةِ في الثَّوْب الْوَاحِدِ، فقال: "أوكلكم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ"؟ ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فقال: إذا وَسَّعِّ الله فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عليه ثِيَابَهُ صلى رَجُلٌ في إِزَار وَرِدَاءٍ في إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، في إِزَار وَقَبَاءٍ، في سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ في سَرَاوِيلَ، وَقَمِيصٍ في سَرَاويلَ وقَباء، في تُبَّان وَقَبَاءٍ، في تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قال: وَأَحْسِبُهُ قال: في تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ".
فالناظر في هذا الحديث يرى أن كل ما ذكر فيه من لباس يغطي من السرة إلى الركبة، وهكذا قوله لجابر:"فَإِنْ كان وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كان ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ". أخرجاه. فالإزار في العادة يغطي من السرة إلى الركبة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إزرة المؤمن إلى نصف ساقيه"، رواه أهل السنن من حديث أنس بإسناد صحيح.
ثم وقفت على إثبات الإمام أحمد للحديث في "مسائل أحمد بن حنبل" رواية ابنه عبد الله قال: "سألتُ أبي عن الفخذ من العورة؟ قال: نعم، حديث جرهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الفخذ عورة" (١).
والحمد لله على توفيقه.
(١) انظر: مسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله: (ص ٦٢).