للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرون فيه من استنامتك إلى الغرّة، وركونك إلى الأمن، وتهاونك بالتدبير، فيعود ذلك عليك في انتشار الأطراف، وضياع الأحكام، ودخول الوهن بما لا يستقال محذوره، ولا يدفع مخوفه.

احفظ من عيونك وجواسيسك ما يأتونك به من أخبار عدوّك، وإيّاك ومعاقبة أحد منهم على خبر إن أتاك به اتّهمته فيه أو سؤت به ظنّا وأتاك غيره بخلافه، أو أن تكذّبه فيه فتردّه عليه ولعله أن يكون قد محضك النصيحة وصدقك الخبر، وكذبك الأوّل، أو خرج جاسوسك الأوّل متقدما قبل وصول هذا من عند عدوّك، وقد أبرموا لك أمرا، وحاولوا لك مكيدة، وأرادوا منك غرّة، فازدلفوا «١» إليك في الأهبة ثم انتقض بهم رأيهم، واختلف عنه جماعتهم، فأرادوا «٢» رأيا، وأحدثوا مكيدة، وأظهروا قوّة، وضربوا موعدا، وأمّوا مسلكا لمدد «٣» أتاهم، أو قوّة حدثت لهم، أو بصيرة في ضلالة شغلتهم؛ فالأحوال بهم متنقّلة في الساعات، وطوارق الحادثات. ولكن البسهم «٤» جميعا على الانتصاح، وارضخ «٥» لهم بالمطامع، فإنّك لن تستعبدهم بمثلها، وعدهم جزالة المثاوب «٦» ، في غير ما استنامة منك إلى ترقيقهم أمر عدوّك، والاغترار إلى ما يأتونك به دون أن تعمل رويّتك في الأخذ بالحزم، والإستكثار من العدّة، واجعلهم أوثق من تقدر عليه، وآمن من تسكن إلى ناحيته: ليكون ما يبرم عدوّك في كل يوم وليلة عندك إن استطعت ذلك، فتنقض عليهم برأيك وتدبيرك ما أبرموا، وتأتيهم من حيث أمنوا، وتأخذ لهم أهبة ما عليه أقدموا «٧» ، وتستعدّ لهم بمثل ما حذروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>