وقد تقدم الكلام على معناها وأوّل من قالها في الكلام على الفواتح في المقالة الثالثة، وكتّاب المغاربة ربما افتتحوا مكاتباتهم بلفظ وبعد.
[الأسلوب الرابع (أن تفتتح المكاتبة بخطبة مفتتحة بالحمد لله)]
وأصل هذه المكاتبة مختلس من الأسلوب الأوّل من قولهم: فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. ثم جاء عبد «١» الحميد بن يحيى كاتب مروان بن محمد، آخر خلفاء بني أميّة، فأطال التحميدات في صدور الكتب مع الإتيان بأما بعد، وتبعه الكتّاب على ذلك، ثم توسّعوا فيه حتّى كرّروا الحمد المرّات في الكتاب الواحد، لا سيما في أماكن النّعم الحادثة، كالفتوحات ونحوها؛ ثم توسّع بعض الكتّاب في ذلك حتّى جعل الحمد لله افتتاحا، واستمرّ ذلك إلى الآن. وعلى ذلك بعض المكاتبات السلطانية في زماننا، على ما ستقف على ذلك جميعه في مواضعه إن شاء الله تعالى.
ولا خفاء في أنّ الحمد أفضل الافتتاحات، وأعلى مراتب الابتداآت، وإن لم يقع الابتداء به في صدر الإسلام، فهو من المبتدعات المستحسنة. وحيث افتتحت المكاتبة بالحمد لله كان التخلّص منها إلى المقصود «بأما بعد» ؛ وربما وقع التخلّص بغير ذلك، ويكون الاختتام فيها تارة بالسلام، وتارة بالدّعاء، وتارة بغير ذلك. قال ابن شيث في «معالم الكتابة» : والتحميد في أوّل الكتب لا