وإحاطة الهلكة بهم، منفذا رسلك إليهم بعد الإنذار، تعدهم إعطاء كلّ رغبة يهشّ ليها طمعهم في موافقة الحق، وبسط كل أمان سألوه لأنفسهم ومن معهم ومن تبعهم، موطّنا نفسك فيما تبسط لهم من ذلك على الوفاء بعهدك، والصبر على ما أعطيتهم من وثائق عقدك، قابلا توبة نازعهم «١» عن الضّلالة، ومراجعة مسيئهم إلى الطاعة، مرصدا للمنحاز إلى فئة المسلمين وجماعتهم إجابة إلى ما دعوته إليه وبصّرته إيّاه من حقّك وطاعتك، بفضل المنزلة، وإكرام المثوى، وتشريف الجاه، وليظهر من أثرك عليه، وإحسانك [إليه]«٢» ما يرغب في مثله الصادف عنك، المصرّ على خلافك ومعصيتك، ويدعو إلى اعتلاق حبل النجاة وما هو أملك به في الاعتصام عاجلا، وأنجى له من العقاب آجلا، وأحوطه على دينه ومهجته بدءا وعاقبة، فإنّ ذلك مما يستدعي به من الله نصره عليهم، ويعتضد به في تقديمه الحجّة إليهم، معذرا أو منذرا، إن شاء الله.
ثم أذك عيونك «٣» على عدوّك متطلّعا لعلم أحوالهم التي يتقلّبون فيها، ومنازلهم التي هم بها، ومطامعهم التي قدمدّوا أعناقهم نحوها، وأيّ الأمور أدعى لهم إلى الصّلح، وأقودها لرضاهم إلى العافية، وأسهلها لاستنزال طاعتهم، ومن أيّ الوجوه مأتاهم: أمن قبل الشّدة والمنافرة والمكيدة والمباعدة والإرهاب والإيعاد، أو التّرغيب والإطماع، متثبّتا في أمرك، متخيّرا في رويّتك، مستمكنا من رأيك، مستشيرا لذوي النصيحة الذين قد حنّكتهم السّنّ، وخبطتهم «٤» التّجربة، ونجّذتهم «٥» الحروب، متشزّنا «٦» في حربك، آخذا بالحزم في سوء الظن، معدّا