للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أنّ الظفر ظفران: أحدهما وهو أعمّ منفعة، وأبلغ في حسن الذكر قالة، وأحوطه سلامة، وأتمّه عافية [وأعوده عاقبة] «١» وأحسنه في الأمور [موردا] «٢» وأعلاه في الفضل شرفا، وأصحّه في الرويّة حزما، وأسلمه عند العامّة مصدرا- ما نيل بسلامة الجنود، وحسن الحيلة، ولطف المكيدة [ويمن النّقيبة] «٣» واستنزال طاعة ذوي الصّدوف بغير إخطار «٤» الجيوش في وقدة جمرة الحرب، ومبارزة «٥» الفرسان في معترك الموت؛ وإن ساعدتك «٦» طلوق الظّفر، ونالك مزيد السعادة في الشرف؛ ففي مخاطرة التّلف مكروه المصائب، وعضاض السيوف وألم الجراح، وقصاص الحروب وسجالها بمغاورة أبطالها. على أنك لا تدري لأيّ يكون الظفر في البديهة، ومن المغلوب بالدولة «٧» ، ولعلك أن تكون المطلوب بالتمحيص، فحاول إصابة أبلغهما في سلامة جندك ورعيّتك، وأشهرهما صيتا في بدوّ تدبيرك ورأيك، وأجمعهما لألفة وليّك وعدوّك، وأعونهما على صلاح رعيّتك وأهل ملّتك، وأقواهما شكيمة في حزمك، وأبعدهما من وصم عزمك، وأعلقهما بزمام النجاة في آخرتك «٨» ، وأجزلهما ثوابا عند ربّك.

وابدأ بالإعذار إلى عدوّك، والدّعاء لهم إلى مراجعة الطاعة، وأمر الجماعة، وعزّ «٩» الألفة، آخذا بالحجّة عليهم، متقدّما بالإنذار لهم، باسطا أمانك لمن لجأ إليك منهم، داعيا [لهم إليه] «١٠» بألين لفظك وألطف حيلك، متعطّفا برأفتك عليهم، مترفّقا بهم في دعائك، مشفقا عليهم من غلبة الغواية لهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>