للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيك عذرا لك عند نفسك، وظهريّا قويّا على ردّ ما كرهت، وتخفيفا لمؤونة الباغين عليك في القالة وانتشار الذكر، وحصنا من غلوب الآفات عليك، واستعلائها على أخلاقك.

وامنع أهل بطانتك وخاصّة خدمك «١» من استلحام أعراض الناس عندك بالغيبة، والتقرّب إليك بالسّعاية، والإغراء من بعض ببعض، أو النّميمة إليك بشيء من أحوالهم المستترة عنك، أو التحميل لك على أحد منهم بوجه النّصيحة ومذهب الشّفقة: فإنّ ذلك أبلغ بك سموّا إلى منالة الشرف، وأعون لك على محمود الذكر، وأطلق لعنان الفضل في جزالة الرأي وشرف الهمّة وقوّة التدبير.

واملك نفسك عن الانبساط في الضحك والانفهاق «٢» ، وعن القطوب بإظهار الغضب وتنحّله: فإنّ ذلك ضعف عن ملك سورة الجهل «٣» ، وخروج من انتحال اسم الفضل، وليكن ضحكك تبسّما أو كشرا في أحايين ذلك وأوقاته، وعند كلّ رائع مستخفّ مطرب، وقطوبك إطراقا في مواضع ذلك وأحواله، بلا عجلة إلى السّطوة، ولا إسراع إلى الطّيرة، دون أن يكنفها رويّة الحلم، وتملك عليها بادرة الجهل.

إذا كنت في مجلس ملئك، وحيث حضور العامّة مجلسك، فإيّاك والرمي بنظرك إلى خاصّ من قوّادك، أو ذي أثرة عندك من حشمك، وليكن نظرك مقسوما في الجميع، وإراعتك «٤» سمعك ذا الحديث بدعة هادئة، ووقار حسن، وحضور فهم مجتمع، وقلّة تضجّر بالمحدّث، ثم لا يبرح وجهك إلى بعض حرسك وقوّادك متوجّها بنظر ركين، وتفقّد محض، فإن وجّه إليك أحد منهم نظره محدّقا، أو رماك ببصره ملحّا، فاخفض عنه إطراقا جميلا باتّداع وسكون،

<<  <  ج: ص:  >  >>