للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو مكلّمك به، وقدر ما هو سائلك إيّاه إذا هو وصل إليك، فأصدرت رأيك في حوائجه «١» ، وأجلت فكرك في أمره، واخترت معتزما على إرادتك في جوابه «٢» ، وأنفذت مصدور رويّتك في مرجوع مسألته قبل دخوله عليك، وعلمه بوصول حاله إليك، فرفعت عنك مؤونة البديهة، وأرخيت عن نفسك خناق الرّويّة، وأقدمت على ردّ جوابه بعد النّظر وإجالة الفكر فيه؛ فإن دخل إليك أحد منهم فكلمك بخلاف ما أنهى إلى كاتبك وطوى عنه حاجته قبلك، دفعته عنك دفعا جميلا، ومنعته جوابك منعا وديعا «٣» ، ثم أمرت حاجبك بإظهار الجفوة له، والغلظة عليه، ومنعه من الوصول إليك، فإنّ ضبطك لذلك مما يحكم لك تلك الأسباب، صارفا عنك مؤونتها، ومسهلا عليك مستصعبها «٤» .

احذر تضييع رأيك وإهمالك أدبك في مسالك الرضا والغضب واعتوارهما «٥» إيّاك، فلا يزدهينّك إفراط عجب تستخفّك روائعه، ويستهويك منظره، ولا يبدرنّ منك ذلك خطأ ونزق خفّة لمكروه إن حلّ بك، أو حادث إن طرأ عليك، وليكن لك من نفسك ظهريّ ملجأ تتحرّز به من آفات الرّدى، وتستعضده «٦» في موهم النازل، وتتعقّب به أمورك في التدبير، فإن احتجت إلى مادّة من عقلك، ورويّة من فكرك، أو انبساط من منطقك، كان انحيازك إلى ظهريّك مزدادا مما أحببت الامتياح منه والامتيار «٧» ؛ وإن استدبرت «٨» من أمورك بوادر جهل أو مضى زلل أو معاندة حقّ أو خطل تدبير، كان ما احتجنت «٩» إليه من

<<  <  ج: ص:  >  >>