ثم تعهّد من نفسك لطيف عيب لازم لكثير من أهل السلطان والقدرة: من أبطال الذرع «١» ونخوة الشّرف والتّيه وعيب الصّلف، فإنها تسرع بهم إلى فساد وتهجين «٢» عقولهم في مواطن جمّة، وأنحاء مصطرفة، منها قلّة اقتدارهم على ضبط أنفسهم في مواكبهم ومسايرتهم العامّة: فمن مقلقل شخصه بكثرة الالتفات عن يمينه وشماله، تزدهيه الخفّة، ويبطره إجلاب «٣» الرجال حوله، ومن مقبل في موكبه على مداعبة مسايره بالمفاكهة له والتّضاحك إليه، والإيجاف «٤» في السّير مرحا، وتحريك الجوارح متسرّعا، يخال أنّ ذلك أسرع له وأحثّ لمطيّته، فلتحسّن في ذلك هيأتك، ولتجمّل فيه دعتك؛ وليقلّ على مسايرك إقبالك إلا وأنت مطرق النظر، غير ملتفت إلى محدّث، ولا مقبل عليه بوجهك في موكبك لمحادثته، ولا موجف في السير مقلقل لجوارحك بالتحريك والاستنهاض؛ فإنّ حسن مسايرة الوالي واتّداعه «٥» في تلك الحالة دليل على كثير من عيوب أمره ومستتر أحواله.
واعلم أنّ أقواما يتسرّعون «٦» إليك بالسّعاية، ويأتونك على وجه النّصيحة «٧» . ويستميلونك بإظهار الشّفقة، ويستدعونك بالإغراء والشّبهة، ويوطئونك عشوة «٨» الحيرة: ليجعلوك لهم ذريعة إلى استئكال «٩» العامّة بموضعهم