للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . .

===

القضاء بما هو حجة عنده، وقد فعل، وهذا يفيد أن القاضي لو علم كذب الشهود لا ينفذ، ولما لم يستلزم ما ذكر النفاذ باطنًا إذ القدر الذي توجبه الحجة وجوب القضاء، وهو لا يستلزم النفاذ باطنًا إذا كان مخالفًا للواقع، وهو محل الخلاف. زاد أي: صاحب "الهداية" (١/ ١٩١): قوله: وإذا ابتنى القضاء على الحجة، وأمكن تنفيذه باطنًا بتقديم النكاح نفذ (١) قطعًا للمنازعة، والمعنى: أنه يثبت الإنشاء اقتضاء للقضاء بتقديمه عليه، وأفاد بذلك جوابهما أي: محمد والشافعي رحمهما الله تعالى عما أبطلا به ثبوت الإنشاء من عدم الإيجاب والقبول والشهود، فإن ثبوته على هذا الوجه يكون ضمنيًا، ولا يشترط للضمنيات ما يشترط لها إذا كانت قصديات. على أن كثيرًا من المشايخ شرطوا حضور الشهود للقضاء للنفاذ باطنًا، ولم يشترطه بعضهم، وهو أوجه، ولو أنهما أبطلا بعدم التراضي لم يندفع بذلك. ولما كان المقتضى ما ثبت ضرورة صحة غيره، ولم يظهر وجه احتياج صحة القضاء إلى تقديم الإنشاء إلا إذا افتقرت صحته إلى نفاذه باطنًا، وليس مفتقرًا إليه لثبوته مع انتفائه في الأملاك المرسلة حيث يصح ظاهرًا لا باطنًا. زاد صاحب "الهداية": قوله: "قطعًا للمنازعة" يعني: أن المقصود من القضاء قطع المنازعة ولا تنقطع فيما نحن فيه إلا بتنفيذه باطنًا، إذ لو بقيت الحرمة تكررت المنازعة في طلبها الوطء، مع امتناع الامرأة لعلمها بحقيقة الحال، فوجب (٢) تقديم الإنشاء. فكأن القاضي قال: زوجتكها، وقضيت بذلك، كقوله: "هو حر" في جواب: "أعتق عبدك عني بألف درهم" حيث يتضمن البيع، وقد استدل أبو حنيفة على أصل المسألة، وهو أن القضاء بشهادة الزور في العقود والفسوخ ينفذ عند أبي حنيفة رحمه الله ظاهرًا وباطنًا إذا كان مما يمكن للقاضي إنشاء العقد فيه - يخرج ما إذا كانت


(١) في الأصل: "أخذ".
(٢) في الأصل: "فوهب".

<<  <  ج: ص:  >  >>