قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ ويُحِيلُ (١) بَعْضُهُم عَلَى بَعْض، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ لَا يَرفَعُ رَأْسَه، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَة، فَطرَحَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ،
"فَطَرَحَتْهُ" كذا في ك، وفي هـ:"فَطَرَحت".
===
(١) قوله: (ويحيل) بالحاء المهملة من الإحالة، أي: ينسب بعضهم فعل ذلك إلى بعض بالإشارة تهكمًا، ويحتمل أن يكون من حال (١) يحيل إذا وثب على ظهر دابته، أي يثب بعضهم على بعض من المرح والبطر، ويؤيده رواية مسلم:"ويميل" بالميم أي: من كثرة الضحك، "توشيح"(١/ ٣٦٧)، وكذا في "العيني"(٢/ ٦٧٦).
وقال العيني: إن البخاري استدل به على أن من حدث له في صلاته ما يمنع انعقادها ابتداءً لا تبطل صلاته ولو تمادى، وأجاب الخطابي عن هذا بأن أكثر العلماء ذهبوا إلى أن السلا نجس، وتأوَّلوا معنى الحديث على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن تعبد إذ ذاك بتحريمه كالخمر، كانوا يلابسون الصلاة وهي تصيب ثيابهم وأبدانهم قبل نزول التحريم، فلما حرمت لم تجز الصلاة فيها، واعترض عليه ابن بطال بأنه لا شك أنها كانت بعد نزول قوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤]، لأنها أول ما نزل عليه من القرآن قبل كل صلاة، وردّ عليه بأن الفرث ورطوبة البدن طاهران، والسلا من ذلك، وقال النووي: هذا ضعيف؛ لأن روث ما يؤكل لحمه ليس بطاهر، ثم إنه يتضمن النجاسة من حيث إنه لا ينفكّ من الدم في العادة، ولأنه ذبيحة عبدة الأوثان فهو نجس. والجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم ما وضع على ظهره فاستمرّ في سجوده استصحابًا للطهارة، انتهى.
وفي الكرماني (٣/ ٩٨): هذا قبل تحريم ذبائح أهل الأوثان، وقليل الدم الذي لا ينفكّ [عنه] عادة معفو.