= قلت: الغرض بيان أني مستعدّ من أول الأمر بأن يدوم إحرامي إلى أن يبلغ الهدي مَحِلَّه، إذ التلبيد إنما يحتاج إليه من طال أمر إحرامه، ويمكث كثيرًا في فضل أعماله، أو المقصود التقليد وذكر التلبيد لبيان الواقع أو لتأكيد الأمر، وفيه دليل أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قارنًا؛ لأن ثمه عمرة، انتهى.
قال القسطلاني (٤/ ٨٢ - ٨٣): أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة: الإفراد والتمتع والقران، واختلفوا في أيّها أفضل بحسب اختلافهم فيما فعله عليه الصلاة والسلام في حجّة الوداع، ومذهب الشافعية والمالكية أن الإفراد أفضل؛ لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اختاره أولًا، ثم التمتع، ثم القران، وقال أبو حنيفة: القران، ثم التمتع، ثم الإفراد، واحتجّ لترجيح القران بما سبق من الأحاديث، وبقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]، وقال أحمد وآخرون: أفضلها التمتع، ثم الإفراد، ثم القران، واحتجّ لترجيح التمتع بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَنّاه بقوله:"لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أَسُقِ الهدي، ولجعلتها عمرة"، انتهى كلام القسطلاني ملتقطًا.