للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ الظَّالِمِ (١)، اسْتَبَّا. فَقَالَ الرَّهْطُ - عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ -: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ (٢) أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ؟

"اسْتَبَّا" في نـ: "فتَسَابّا".

===

(١) قوله: (اقض بيني وبين الظالم) وإنما جاز للعباس مثل هذا القول لأن عليًا كان كالولد له وللوالد ما ليس لغيره، أو هي كلمة لا يراد بها حقيقتها؛ إذ الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وهو متناول للصغيرة، وللخصلة المباحة التي لا تليق به عرفًا. وفي الجملة حاشا لعلي أن يكون ظالمًا وللعباس أن يصير ظالمًا بنسبة الظلم إليه، فلا بد من التأويل، وقال بعضهم: ههنا مقدر أي: هذا الظالم إن لم ينصف، أو كالظالم. قال المازري [المعلم (٣/ ١٦)]: هذا اللفظ لا يليق بالعباس وحاشا علي من ذلك، فهو سهو من الرواة، وإن كان لا بد من صحته فيؤول بأن العباس تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر وردعًا لما يعتقد أنه مخطئ فيه، ولهذا لم ينكره أحد من الصحابة لا الخليفة ولا غيره مع تشددهم في إنكار المنكر، وما ذاك إلا أنهم فهموا بقرينة الحال أنه لا يريد به الحقيقة. قوله: "استبا" أي: تخاشنا في الكلام وتكلما بغليظ القول كالمستبين، كذا في "الكرماني" (٢٥/ ٥٠).

قال القاضي عياض: قال المازري: هذا اللفظ الذي وقع لا يليق ظاهره بالعباس، وحاشا لعلي أن يكون فيه بعض هذه الصفات، فضلًا عن كلها، ولسنا نقطع بالعصمة إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولمن شهد له بها، لكنا مأمورون بحسن الظن بالصحابة رضي الله عنهم أجمعين ونفي كل رذيلة عنهم، وإذا انسدت طرق تأويلها نسبنا الكذب إلى رواتها، قال: وقد حمل هذا المعنى بعض الناس على أن أزال هذه اللفظة من نسخته تورعًا عن إثبات مثل هذا، ولعله حمل الوهم على رواته، "نووي" (٧/ ٣١٧).

(٢) من الإراحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>