[حاجة الأمة الإسلامية إلى دعاة على مستوى العصر]
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة سيد الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الفضل والإنعام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله خير من عمل بالدين وقام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحابته الأئمة الأعلام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٢] {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
معاشر المسلمين: إن دين الإسلام الذي هدانا الله إليه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لهو المنة الكبرى والنعمة العظمى، هو دين الخير والعدل والرحمة والمحبة والوئام والسلام.
إن البشرية اليوم تتطلع إلى أن تتفيء ظلال هذا الدين القويم مما يتطلب الجد في مجال العمل للإسلام، والنهوض بمستوى الدعوة إلى الله، وتنسيق الجهود بين العالمين، والحذر من الفرقة والخلاف التي لا يستفيد منها إلا العدو المتربص.
إن هناك فرصاً عظيمة، يؤسف كل غيور على أوضاع أمته أن يفرط في استغلالها المسلمون، فالأرض خصبة جداً، والفرص مواتية، والقضية ترجع إلى حاجة الأمة اليوم إلى وضع خطط سليمة، ومنهجية مدروسة، تخرّج دعاة على مستوى العصر الذي يعيشونه؛ لنثبت للعالم صدق توجهاتنا وسلامة مقاصدنا، بعد أن شوه الإسلام من طرف علماني شهواني منحرف في ثقافته وأخلاقه، ومن طرف جاهل غال عنيف لا يؤمن إلا بسفك الدماء، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه.
وإن من التحدث بنعم الله تلك الجهود المشكورة والأعمال المذكورة، وعند أهل الإنفاق غير منكورة، التي يبذلها جنود مجهولون من أهل الخير والدعوة والإصلاح ممن آثروا ما عند الله، ولا ينسى الدور الفاعل لبلاد الحرمين الشريفين حرسها الله في هذا المجال، فلا تكاد بلاد من بلاد الدنيا إلا ولها فيه مركزاً أو مسجداً أو صرحاً علمياً أو حضارياً جعله الله خالصاً لوجه الكريم، وضاعف مثوبتها وزادها من الخير والتوفيق، والحق أنه لا يدرك مكانتها وفضلها إلا من اغترب عنها
لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها حتى يعود إليها الطرف مشتاقاً
ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، كما أمركم بالصلاة والسلام عليه ربكم جل في علاه، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمضطهدين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم عجل بنصرهم يا قوي يا عزيز! اللهم فارج الهم وكاشف الغم رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما، مجيب دعوة المضطرين، نسألك اللهم رحمة من عندك تغنينا بها عن رحمة من سواك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.