يجب علينا أن نأخذ من موسمنا الذي كاد أن يتقوض قيامه وأن تنصرم أيامه، أن نأخذ منه حافزاً وفرصة للتزود في هذه الحياة للعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكن فرصة لمحاسبة النفس وأطرها على شريعة الله، وليحاسب كلٌ منا نفسه حساباً دقيقاً قبل أن توزن أعمالها، فلا ينفعها والله حينئذ إلا رجحان الأعمال الصالحة.
إننا قادمون على مواقف عظيمة -أيها الإخوان- قادمون على الله سبحانه وتعالى في يوم عصيب لا يخفى على الجميع هوله، ولا تخفى على الجميع مواقفه العظيمة التي لا يتحملها الإنسان، وإن هذا الموسم ليجسد صورة لذلك اليوم العظيم باجتماع الناس في مكان واحد وانشغال كل واحد منهم بنفسه، والزحام الهائل، إننا قادمون على أيام عظيمة، ومواقف رهيبة لا تنفعنا فيها والله إلا الأعمال الصالحة قال الله:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}[الأعراف:٨ - ٩] فليتق الله كل واحد منا، وليستشعر هذا اليوم الذي أمامه، والذي لا ينفعه فيه إلا عمله الصالح قال تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس:٣٤ - ٣٧]
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً}[آل عمران:٣٠]{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران:٢٨] لا ينفعكم في هذه المواقف إلا العمل الصالح، ولا ينجوا إلا من أخذ كتابه بيمينه، وملأ صحيفته بالأعمال الصالحة، ولن يكون كذلك إلا إذا عمّر حياته كلها بالعمل الصالح، واستمر على العمل الصالح طيلة حياته، ولم يفعل ما يفعله الجهلة الذي لا يقبلون على الله إلا في أوقات قليلة، فيدبرون عنه في مواسم وأعوام طويلة، إن هذا من الجرأة على حدود الله، ومن المحادة لله.
ومن الاستهزاء بشريعة الله أن يعمل المسلم أوقاتاً بالطاعات ثم يرجع إلى المعاصي.