للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كتاب الله تعالى، لأنه مَن لا يؤمن باليوم الأخر إيمانًا جازمًا لا يكون مؤمنًا بالله تعالى؛ لأن من مقتضيات الإيمان بالله الانقياد والتصديق والإذعان والتسليم له سبحانه في جميع ما أمر به سبحانه وأمر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأخبر به عن ربه تبارك وتعالى.

وقد تواردت النصوص الخاصة بذكره بكثرة في الوحيين -في آي التنزيل وفي سنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-، تعظيمًا لشأنه وتهويلًا لأمره كما قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: ١٧٧]، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} [البقرة].

ومن الدلائل الواضحات أيضًا على وجوب الإيمان باليوم الآخر وأنه من أركان الإيمان وكفر من جحده: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)} [النساء].

وكذلك ورد الإيمان باليوم الآخر مقترنًا بالإيمان بالله تعالى في السنة المطهرة في مواضع شتى منها على سبيل المثال لا الحصر ما ثبت في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ» (١)، وكذلك ما ثبت عند مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (٢).

وإن الكفار المنكرين للبعث بعد الموت الجاحدين لثبوته كيف يعملون لهذا اليوم


(١) البخاري (٥٠)، ومسلم (٩).
(٢) البخاري (٥١٨٥)، ومسلم (٤٧).

<<  <   >  >>