مَخْلُوقُونَ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَصِفَةٍ لَازِمَةٍ لَا سَبِيلَ إلَى انْفِكَاكِهِمْ عَنْهَا وَالْبَشَرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ صَالِحِي الْبَشَرِ مِنْ الزَّلَّاتِ وَالْهَفَوَاتِ تَرْفَعُ لَهُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ وَتُبَدِّلُ لَهُمْ السَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ سَيِّئَةً تَكُونُ سَبَبَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ - الْعَفْوُ أَحَبَّ إلَيْهِ لَمَا اُبْتُلِيَ بِالذَّنْبِ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فَرَحُهُ بِتَوْبَةِ عَبِيدِهِ وَضَحِكِهِ مِنْ عِلْمِ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللَّهُ فَافْهَمْ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ الرُّبُوبِيَّةِ وَبِهِ يَنْكَشِفُ سَبَبُ مُوَاقَعَةِ الْمُقَرَّبِينَ الذُّنُوبَ. (الْوَجْهُ الرَّابِعُ: مَا رُوِيَ: " أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا اسْتَعْظَمَتْ خَطَايَا بَنِي آدَمَ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَعْضِهِمْ الشَّهْوَةَ فَوَاقَعُوا الْخَطِيئَةَ " وَهُوَ احْتِجَاجٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَأَمَّا الْعِبَادَةُ فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْمَلَائِكَةَ دَائِمُو الْعِبَادَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَمِنْهُمْ قِيَامٌ لَا يَقْعُدُونَ وَقُعُودٌ لَا يَقُومُونَ وَرُكُوعٌ لَا يَسْجُدُونَ وَسُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} . وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْفَضْلَ بِنَفْسِ الْعَمَلِ وَجَوْدَتِهِ لَا بِقَدْرِهِ وَكَثْرَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} وَقَالَ: {إنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} وَرُبَّ تَسْبِيحَةٍ مِنْ إنْسَانٍ أَفْضَلُ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ عَمَلِ غَيْرِهِ وَكَانَ إدْرِيسُ يُرْفَعُ لَهُ فِي الْيَوْمِ مِثْلُ عَمَلِ جَمِيعِ أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute