يُجَاوَرَ بِأَحَدِ الْحَرَمَيْنِ. أَوْ عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَشْهَدُونَ الدَّرْسَ فِي كُلِّ غَدَاةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي تُفَوِّتُ الْعَدَدَ وَالْإِحْصَاءَ.
وَمِمَّا يَغْلَطُ فِيهِ بَعْضُ الْأَذْهَانِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَحْسَبَ أَنَّ بَيْنَ أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ تَنَاقُضًا أَوْ تَعَارُضًا. وَهَذَا شُبْهَةٌ مِنْ شُبُهَاتِ بَعْضِ الطَّمَاطِمِ مِنْ مُنْكِرِي الْعُمُومِ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الصِّيَغُ عَامَّةً لَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ رُجُوعًا أَوْ نَقْضًا. وَهَذَا جَهْلٌ؛ فَإِنَّ أَلْفَاظَ الْعَدَدِ نُصُوصٌ مَعَ جَوَازِ وُرُودِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} وَكَذَلِكَ النَّكِرَةُ فِي الْمُوجَبِ مُطْلَقَةٌ مَعَ جَوَازِ تَقْيِيدِهَا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} . وَإِنَّمَا أُتِيَ هَؤُلَاءِ مِنْ حَيْثُ تَوَهَّمُوا أَنَّ الصِّيَغَ إذَا قِيلَ: هِيَ عَامَّةٌ: قِيلَ: إنَّهَا عَامَّةٌ مُطْلَقًا. وَإِذَا قِيلَ: إنَّهَا عَامَّةٌ مُطْلَقًا ثُمَّ رُفِعَ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْضُ مُوجِبِهَا: فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ الْمَرْفُوعِ الْعُمُومُ الْمُثْبِتُ لَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ النَّافِي لَهُ. وَذَلِكَ تَنَاقُضٌ أَوْ رُجُوعٌ. فَيُقَالُ لَهُمْ: إذَا قِيلَ: هِيَ عَامَّةٌ فَمِنْ شَرْطِ عُمُومِهَا أَنْ تَكُونَ مُنْفَصِلَةً عَنْ صِلَةٍ مُخَصَّصَةٍ فَهِيَ عَامَّةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لَا عَامَّةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَاللَّفْظُ الْوَاحِدُ تَخْتَلِفُ دَلَالَتُهُ بِحَسَبِ إطْلَاقِهِ وَتَقْيِيدِهِ؛ وَلِهَذَا أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ قَالَ: لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ النَّقْدِ الْفُلَانِيِّ. أَوْ مُكَسَّرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute