للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخِرُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ مَالٌ يُؤْخَذُ بِتَرَاضِي الْمُتَعَامِلِينَ. فَإِذَا كَانَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي هِيَ أَسْبَقُ تَحْرِيمًا وَأَعْظَمُ تَحْرِيمًا. وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحَادِيثُ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَهِيَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد صَحَّ الْحَدِيثُ فِي الْخَوَارِجِ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ وَقَدْ رَوَاهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: حَدِيثَ عَلِيٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ الخدري وَسَهْلِ بْنِ حنيف. وَفِي السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ طُرُقُ أُخَرُ مُتَعَدِّدَةٌ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَتِهِمْ {يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ. أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ} . وَهَؤُلَاءِ قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاتَّفَقَ عَلَى قِتَالِهِمْ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا؛ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي قِتَالِهِمْ كَمَا تَنَازَعُوا فِي الْقِتَالِ يَوْمَ الْجَمَلِ وصفين. فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: قَوْمٌ قَاتَلُوا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَوْمٌ قَاتَلُوا مَعَ مَنْ قَاتَلَهُ. وَقَوْمٌ قَعَدُوا عَنْ الْقِتَالِ لَمْ يُقَاتِلُوا الْوَاحِدَةَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ. وَأَمَّا الْخَوَارِجُ