للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَرْضِ؛ وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونَانِ فِي الصَّفِّ وَأَجْرُ مَا بَيْنَ صَلَاتِهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَقَدْ رُوِيَ: " {أَنَّ أَنِينَ الْمُذْنِبِينَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ زَجَلِ الْمُسَبِّحِينَ} ". وَقَدْ قَالُوا: إنَّ عُلَمَاءَ الْآدَمِيِّينَ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي وَالْمُضَادِّ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ. ثُمَّ هُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ؛ وَأَمَّا النَّفْعُ الْمُتَعَدِّي وَالنَّفْعُ لِلْخَلْقِ وَتَدْبِيرُ الْعَالَمِ فَقَدْ قَالُوا هُمْ تَجْرِي أَرْزَاقُ الْعِبَادِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَيَنْزِلُونَ بِالْعُلُومِ وَالْوَحْيِ وَيَحْفَظُونَ وَيُمْسِكُونَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الْمَلَائِكَةِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ صَالِحَ الْبَشَرِ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مِنْهُ وَيَكْفِيك مِنْ ذَلِكَ شَفَاعَةُ الشَّافِعِ الْمُشَفَّعُ فِي الْمُذْنِبِينَ وَشَفَاعَتُهُ فِي الْبَشَرِ كَيْ يُحَاسَبُوا وَشَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَقَعُ شَفَاعَةُ الْمَلَائِكَةِ وَأَيْنَ هُمْ مِنْ قَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}؟ وَأَيْنَ هُمْ عَنْ الَّذِينَ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}؟ وَأَيْنَ هُمْ مِمَّنْ يَدْعُونَ إلَى الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً؟ وَأَيْنَ هُمْ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَشْفَعُ فِي أَكْثَرَ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ} "؟ وَأَيْنَ هُمْ مِنْ الْأَقْطَابِ وَالْأَوْتَادِ والأغواث؛ وَالْأَبْدَالِ وَالنُّجَبَاءِ؟ (١).

فَهَذَا - هَدَاك اللَّهُ - وَجْهَ التَّفْضِيلِ بِالْأَسْبَابِ الْمَعْلُومَةِ؛ ذَكَرْنَا مِنْهُ أُنْمُوذَجًا


(١) هكذا بالأصل