للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" {فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ يُلْهِمُنِيهَا لَمْ يَفْتَحْهَا عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي} ". وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا: أَنَّ الْعِلْمَ مَقْسُومٌ مِنْ اللَّهِ؛ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ هَذَا الْغَبِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ بَلْ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَصَّ آدَمَ بِعِلْمِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ عِلْمُ الْأَسْمَاءِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَحَكَمَ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ لِمَزِيدِ الْعِلْمِ فَأَيْنَ الْعُدُولُ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى بِنْيَاتِ الطَّرِيقِ؟ وَمِنْهَا الْقُدْرَةُ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَلَكَ أَقْوَى وَأَقْدَرُ وَذَكَرَ قِصَّةَ جبرائيل بِأَنَّهُ شَدِيدُ الْقُوَى وَأَنَّهُ حَمَلَ قَرْيَةَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَى رِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ فَقَدْ آتَى اللَّهُ بَعْضَ عِبَادِهِ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ فَأَغْرَقَ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ بِدَعْوَةِ نُوحٍ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ} " {وَرُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ} وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَجَاءَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي آثَارٍ: إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُزِيلَ جَبَلًا أَوْ الْجِبَالَ عَنْ أَمَاكِنِهَا لَأَزَالَهَا وَأَنْ لَا يُقِيمَ الْقِيَامَةَ لَمَا أَقَامَهَا وَهَذَا مُبَالَغَةٌ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ يُفَضَّلُ بِقُوَّةِ خُلِقَتْ فِيهِ وَهَذَا بِدَعْوَةِ يَدْعُوهَا لِأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ يُؤَوَّلَانِ إلَى وَاحِدٍ هُوَ مَقْصُودُ الْقُدْرَةِ وَمَطْلُوبُ الْقُوَّةِ وَمَا مِنْ