للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ مِنْ أَرْضِ الْمُزَارَعَةِ وَالْعَمَلِ فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ الْإِشْهَادُ فِيمَا لَا يَعْمَلُ فِيهِ حِيَازَةً فَكَالدَّيْنِ وَالشَّيْءِ الْمُهْمَلِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا عَطِيَّةٌ كَمُلَ فِيهَا الْعَقْدُ اللَّازِمُ وَلَيْسَتْ فِي يَدِ الْمُعْطِي وَلَا فِيمَا يَنُوبُ عَنْ يَدِهِ فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى مُبَاشَرَةِ الْقَبْضِ كَالدَّيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ فِي غَيْرِ إبَّانِ الْعَمَلِ، أَوْ فِي إبَّانِ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ إبَّانِ الْعَمَلِ أَجْزَأَ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ مَحْدُودَةً وَفِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَيَشْهَدُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ وَأَتَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقِفَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى حُدُودِهَا وَيُشْهِدُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى قَبْضِهَا قَالَ ذَلِكَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ.

وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَتِهِ بِمَزْرَعَةٍ فِي آخِرِ أَيَّامِ الْحَرْثِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْحِيَازَةِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ شَهْرٍ وَلَمْ تُحْدِثْ الْمَرْأَةُ فِيهَا حَدَثًا وَلَا غَيْرَهُ إنْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ بَيِّنٌ مِثْلَ أَنْ يَفْجَأَ مَوْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهَا عَمَلٌ، أَوْ إجْنَاءُ شَجَرٍ، أَوْ إحْيَاءٌ، أَوْ غَرْسٌ، أَوْ إصْلَاحٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالصَّدَقَةُ مَاضِيَةٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا غَيْرَ هَذَا مِنْ الْحِيَازَةِ فَأَشْبَهَتْ مَا لَا يَعْمُرُ مِنْ الْأَرْضِ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ حِيَازَةً فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ إذَا فَاتَتْ حِيَازَتُهَا الْمُخْتَصَّةُ بِهَا بِمَوْتِ الْوَارِثِ، أَوْ مَرَضِهِ مَرَضَ الْمَوْتِ فَأَمَّا إنْ بَقِيَ الْوَاهِبُ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ عَمَلِهَا فَلَمْ يَعْمَلْهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا تَعَرَّضَ لِعَمَلِهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لَهُ بِالْعَمَلِ فِيهِ إذَا أَمْكَنَ بِالْحِيَازَةِ فِي أَرْضِ الْعَمَلِ فِيهَا فِي إبَّانِهَا فَإِذَا جَاءَ إبَّانَ عَمَلِهَا وَتَرَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَمَلَ فِيهَا فَقَدْ تَرَكَ حِيَازَتَهَا.

(فَرْعٌ) فَإِنْ تَعَرَّضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْعَمَلِ فَمَنَعَهُ الْوَاهِبُ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ الْحِيَازَةَ قَالَهُ أَصْبَغُ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَمْكَنَهُ مِنْ الْحِيَازَةِ التَّعَرُّضُ لِلْعَمَلِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ فَإِذَا مَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ مَانِعٌ بِيَدٍ غَالِبَةٍ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الطَّلَبِ وَالسَّعْيِ فِي التَّمَكُّنِ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى حَالَةٍ يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهُ غَيْرُ تَارِكٍ لِلْعَمَلِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْعَمَلِ ضَعْفٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا عَنْ الْبَقَرِ وَالْآلَةِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَنْ يُكْرِيَ، أَوْ يُسَاقِيَ أَوْ يُرْفِقُ غَيْرَهُ، أَوْ يَكُونَ عَجَزَ عَنْ وُجُوهِ الْعَمَلِ كُلِّهَا فَإِنْ كَانَ لِضَعْفٍ فِي الْآلَةِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْعَمَلِ بِالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ، أَوْ الْمُسَاقَاةِ، أَوْ الْإِرْفَاقِ وَإِحْيَاءِ الشَّجَرِ فَالصَّدَقَةُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَأَمَّا إنْ عَجَزَ عَنْ الْعِمَارَةِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَتَعَرَّضَ لَهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ مَاضِيَةٌ وَالْإِشْهَادُ يُجْزِي فِي هَذَا الْحَوْزِ، وَلَوْ أَقَامَتْ أَعْوَامًا وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَعْرِضُهَا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ فَلَا يَجِدُ مَعَ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ فَالْحِيَازَةُ بِالْإِشْهَادِ تَامَّةٌ رَوَى مَعْنَى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَزَادَ مَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الْمُتَصَدِّقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ وَهَبَهُ نَخْلًا هِبَةً مُطْلَقَةً وَفِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ فَالثَّمَرَةُ لِلْوَاهِبِ كَالْبَيْعِ وَجَوَّزَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْضَ النَّخْلِ وَالسَّقْيِ فِي مَالِ الْوَاهِبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا عَشْرَ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ يَسْقِيهَا الْعَشْرَ سِنِينَ فَقَدْ وَهَبَهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَطَلَتْ الْهِبَةُ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي تَمَامِ الْهِبَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ النَّخْلَ يَعْمُرُهَا الْمُعْطِي وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُعْطَى صَحَّ الْقَبْضُ وَكَمُلَتْ الْهِبَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ وَهَبَ مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فَحَازَ الْمُعْطَى الْأُمَّهَاتِ حَتَّى تَضَعَ فَتِلْكَ حِيَازَةٌ تَامَّةٌ كَالنَّخْلِ يَهَبُهُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيَحُوزُ الرِّقَابَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ صُوفُ الْغَنَمِ وَلَبَنُهَا، قَالَ أَصْبَغُ: وَإِنْ حَازَهَا الْمُعْطَى فَذَلِكَ نَافِذٌ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْطَى، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهَا فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ وَلَا إدْخَالُهَا فِي الْقِسْمِ حَتَّى تَضَعَ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ، قَالَ: وَأَمَّا الْأَجِنَّةُ فَلَا تَتِمُّ الْحِيَازَةُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَقَدْ تُبَاعُ أَمَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ فَإِنَّ الثَّمَرَ يُرْهَنُ وَلَا يُرْهَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>