للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْجَائِحَةُ الَّتِي تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي الثُّلُثُ فَصَاعِدًا وَلَا يَكُونُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ جَائِحَةٌ) .

مَا يَجُوزُ فِي اسْتِثْنَاءِ الثَّمَرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ) .

ــ

[المنتقى]

الْأَمْرَانِ جَمِيعًا فَذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْوَبِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً فَأُصِيبَ نَوْعٌ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ أَوْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ الثَّمَرَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُحْبَسَ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالثَّمَرِ وَالْعِنَبِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي جَائِحَتِهِ بِثُلُثِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَالْخَوْخِ وَالتُّفَّاحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ، وَالرُّمَّانِ فَهَاهُنَا يَعْتَبِرُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا ثُلُثَ الثَّمَرَةِ وَأَشْهَبُ يَعْتَبِرُ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِيُمَيَّزَ بِهِ النَّقْصُ الَّذِي يَكُونُ جَائِحَةً مِنْ النَّقْصِ الْمُعْتَادِ الَّذِي لَا يَكُونُ جَائِحَةً وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْقِيمَةُ وَبِسَبَبِهَا يَزِيدُ الثَّمَنُ وَيَنْقُصُ وَقَدْ يَكُونُ الْيَسِيرُ مِنْ الثَّمَرِ لَهُ مُعْظَمُ الثَّمَنِ وَلَوْ أُصِيبَ الْيَسِيرُ مِنْهَا وَقَلِيلُهُ كَيَسِيرِ الثَّمَنِ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ كَمَا أَنَّهُ إذَا أُصِيبَ الْكَثِيرُ مِنْهَا وَلَا قِيمَةَ لَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ كَثِيرُ ضَرُورَةٍ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرْت إلَى ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَإِنْ بَلَغَتْهُ الْجَائِحَةُ وُضِعَتْ عَنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ إلَّا عُشْرَ الْقِيمَةِ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ لَمْ يُوضَعْ عَنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ بَلَغَتْ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْقِيمَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ أَشْهَبَ نُظِرَ إلَى ثُلُثِ الْقِيمَةِ فَإِنْ بَلَغَتْهُ الْجَائِحَةُ وُضِعَتْ عَنْ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ إلَّا عُشْرَ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ الْقِيمَةِ لَمْ تُوضَعْ وَإِنْ بَلَغَتْ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَرَةِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْجَائِحَةَ الَّتِي تُوضَعُ هِيَ مَا بَلَغَتْ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ أَوْ الْقِيمَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ ذَلِكَ فِي الثِّمَارِ لَمْ تُوضَعْ عَنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ جَائِحَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُوضَعُ قَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ فِي الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ الثِّمَارَ لَا تَنْفَكُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا تَسْلَمُ مِنْ يَسِيرِ الْعَفَنِ وَأَكْلِ الطَّيْرِ فَهَذَا مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ لَمَا صَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْلَمَ جَمِيعُهَا بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ يَتَعَذَّرُ فِيهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ بَاطِلٌ، وَلَمَا أَجْمَعْنَا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَصِحَّةِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُوضَعُ مَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا تَلَفُ الْكَثِيرِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مُعْظَمَ الثَّمَرَةِ لَزِمَ الْمُبْتَاعَ قِيمَتُهَا بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى صُبْرَةَ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتُحِقَّ مُعْظَمُهَا أَوْ اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى الْكَيْلِ فَذَهَبَ مُعْظَمُهُ قَبْلَ الْكَيْلِ فَإِنَّمَا لَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ بَقِيَّتُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَوَائِحَ مُعْتَادَةٌ لَا تَسْلَمُ الثَّمَرَةُ مِنْ يَسِيرِهَا، وَكَثِيرُهَا مُتَكَرِّرٌ فِيهَا فَالْمُبْتَاعُ يَدْخُلُ عَلَى الرِّضَا بِمَا بَقِيَ مِنْهَا وَلِذَلِكَ لَزِمَهُ النَّقْدُ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَاقِي لَمَا جَازَ النَّقْدُ فِيهَا بِالشَّرْطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الصُّبْرَةِ أَوْ إتْلَافُ بَعْضِ الصُّبْرَةِ الْمُشْتَرَاةِ عَلَى الْكَيْلِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ وَالْمُبْتَاعُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ النَّقْدُ فِيهِ.

[مَا يَجُوزُ فِي اسْتِثْنَاءِ الثَّمَرِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ بَيْعُ ثَمَرِ حَائِطِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مَكِيلَةً مَعْرُوفَةً وَالثَّانِي أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ عَلَى أَنَّ فِيهِ كَذَا وَكَذَا صَاعًا بِالْخَرْصِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ جُزَافًا فَأَمَّا بَيْعُ الْأَصْوُعِ مِنْهُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّ فِيهِ كَذَا وَكَذَا صَاعًا عَلَى التَّحَرِّي فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ فِيهِ مِنْ بَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>