للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَصْحَابُنَا فِي الشَّمَرِ وَالْأَنِيسُونِ وَالْكَمُّونِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ مِمَّا يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَقْوَاتِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّمَارَ وَالْأَنِيسُونَ وَالْكَمُّونَ الْأَسْوَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخُبْزِ عَلَى مَعْنَى تَطْيِيبِهِ وَتَحْسِينِ طَعْمِهِ وَالْكَمُّونُ الْأَبْيَضُ يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّبْخِ كَالْفُلْفُلِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ صِنَاعَةُ الْأَبْزَارِ غَالِبًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي إصْلَاحِ الْقُوتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَصْفَ الْعِلَّةِ الِادِّخَارَ لِلْأَكْلِ دُونَ الِاقْتِيَاتِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الرِّبَا فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَالصَّنَوْبَرِ وَالْفُسْتُقِ وَأَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ كُلِّهَا الَّتِي تُدَّخَرُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَوَاكِهِ الَّتِي يَقِلُّ ادِّخَارُهَا كَالْخَوْخِ وَالرُّمَّانِ وَالْإِجَّاصِ وَعُيُونِ الْبَقَرِ وَالْمَوْزِ مِمَّا يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ فَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ إنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الرُّمَّانِ زَادَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّة وَالْخَوْخِ وَالْإِجَّاصِ وَعُيُونِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَيْبَسُ وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ نَافِعٍ عَلَى أَنَّ الْبِطِّيخَ وَالْخِرْبِزَ وَالْقِثَّاءَ وَالْأُتْرُجَّ وَالْخَوْخَ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ.

فَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا لَا تَيْبَسُ وَلَا تُدَّخَرُ غَالِبًا وَمِنْهَا مَا لَا يَيْبَسُ بِوَجْهٍ كَالْمَوْزِ، وَأَمَّا الرُّمَّانُ فَإِنْ يَبِسَ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَيْبَسُ كَالْخَوْخِ وَالْإِجَّاصِ وَالْكُمَّثْرَى فَإِنَّهُ لَا يَيْبَسُ غَالِبًا وَلَا تُعَلَّلُ الْأَحْكَامُ بِمَا يَنْدُرُ وَهَذَا عَلَى مَا أَصَابَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ الرُّمَّانِ فَإِنَّهُ عَلَى مَا قَالَ مَا يَيْبَسُ مِنْهُ لَا يَكُونُ فَاكِهَةً فَحُكْمُهُ فِي الْفَاكِهَةِ حُكْمُ مَا لَا يَيْبَسُ بِوَجْهٍ كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُدَّخَرُ لِلْأَكْلِ وَيَبْقَى بِأَيْدِي النَّاسِ عَلَى حَالِهِ الْمُدَّةَ مِنْ الْعَامِ فَجَرَى فِيهِ الرِّبَا كَالْجَوْزِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ مِمَّا يُدَّخَرُ فَسَائِغٌ فِي جَمِيعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَيْبَسُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ الْجَوْزِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الرُّمَّانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَيْبَسُ قِشْرُهُ إلَّا عَلَى الْحَافِظِ لِرُطُوبَةِ الْحَبِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا الْبُرْقُوقُ وَالْجَرَاسْيَا فَإِنَّهُمَا يُرَبَّبَانِ عَلَى وَجْهِ مَا يُرَبَّبُ عَلَيْهِ الْخَوْخُ وَالْكُمَّثْرَى وَالتُّفَّاحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

وَمَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتَ لَمْ يُجِزْ الرِّبَا إلَّا فِي كُلِّ مُقْتَاتٍ مُدَّخَرٍ، وَأَمَّا مَا يَكُونُ مُدَّخَرًا غَيْرَ مُقْتَاتٍ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَوْ مُقْتَاتًا غَيْرَ مُدَّخَرٍ كَالْبَيْضِ فَلَا يَجْرِي فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الرِّبَا وَعَلَى الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجْرِي الرِّبَا فِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ مِنْ التُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْكُمَّثْرَى وَعُيُونِ الْبَقَرِ وَالْخَوْخِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا يُدَّخَرُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُعْتَادٍ فِيهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَقِيلَ لَهُ «إنَّ عَامِلَك عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ» ظَاهِرُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فَاشِيًا وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِقُرْبِ حُدُوثِ هَذَا الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَامِلُهُ وَلَا عَلِمَ بِهِ مَنْ عَلِمَ اسْتِجَازَةَ عَامِلِهِ لِلتَّفَاضُلِ فِيهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَا أَنْهَاهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى خَيْبَرَ عَامِلًا إلَّا مَنْ يَفْقَهُ وَيَعْلَمُ صَلَاحَ حَالِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ أَصْحَابُهُ عَلَى الْعَامِلِ حِينَ عَلِمُوا عَمَلَهُ بِهِ حَتَّى سَمِعُوا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْعَامِلَ بِخَيْبَرَ يَعْمَلُ بِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ ثُبُوتِ هَذَا الْحُكْمِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُدْعُوهُ لِي» ظَاهِرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِيَعْلَمَ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَلِيَمْنَعَهُ مِنْ مَحْظُورَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ إلَى ذَلِكَ تَفَاضُلُ التَّمْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يُعْطِيهِ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ مُتَمَاثِلًا نَهَاهُ عَنْ فِعْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَبَيَّنَ لَهُ الطَّرِيقَ إلَى تَحْصِيلِ غَرَضِهِ مِنْ أَخْذِ الْجَيِّدِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الرَّدِيءِ بِأَنْ يَبِيعَ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْتَاعَ بِهَا الْجَنِيبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>