(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ فَيُؤَاجِرُهُ بِالْإِجَارَةِ الْعَظِيمَةِ أَوْ الْقِلَّةِ الْقَلِيلَةِ، ثُمَّ يُوجَدُ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ مِنْهُ أَنَّهُ يُرَدُّ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَتَكُونُ لَهُ إجَارَتُهُ وَغَلَّتُهُ، وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ بِبَلَدِنَا، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ عَبْدًا فَبَنَى لَهُ دَارًا قِيمَةُ بِنَائِهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ أَضْعَافًا، ثُمَّ يُوجَدُ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ مِنْهُ رَدَّهُ وَلَا يُحْتَسَبُ لِلْعَبْدِ إجَارَةٌ فِيمَا عَمِلَ لَهُ وَكَذَلِكَ تَكُونُ لَهُ إجَارَتُهُ إذَا آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ، وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .
ــ
[المنتقى]
فَصْلٌ) :
ثُمَّ نَرْجِعُ إلَى شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الَّتِي بِهَا الْبَيْعُ وَتُرَدُّ بِقَدْرِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً اخْتَارَ بِصِفَةِ التَّرَاجُعِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْحَيْضَةَ إنْ كَانَتْ فِي الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ ذَلِكَ وَبَيَانَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُبْتَاعِ وَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ دُونَهَا وَالرُّجُوعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا يَحْدُثُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ظَاهِرٌ حِينَ الْعَقْدِ وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فَالظَّاهِرُ كَثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَأْبُورَةٍ وَالصُّوفِ الْكَامِلِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ فَفِي رَدِّ مِثْلِ هَذَا مَعَ الْمَعِيبِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ قَبْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لِلثَّمَرَةِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَلِلصَّرْفِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ هَذِهِ غَلَّةٌ انْفَصَلَتْ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَمْ تُرَدَّ كَاللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ يَوْمَ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا كَانَ مِنْ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ عِنْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ مَعَهَا.
(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ لِلْمُبْتَاعِ إذَا رَدَّ الثَّمَرَةَ أَجْرَ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَرَةِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْعَمَلِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ عِنْدِي مِنْ الْعَمَلِ أَجْرُ مَا لَوْ رَدَّ الثَّمَرَةَ لَمْ يَعْمَلْهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي مَسْأَلَةِ الْغَنَمِ الرُّجُوعَ بِالْعَمَلِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ لِلْمَرْعَى وَالسَّقْيِ عَلَيْهَا تَأْثِيرًا فِيهَا وَلَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْجَزِّ عِنْدِي وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا.
(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ وَالصُّوفُ حَاضِرَيْنِ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُرَدُّ مَعَهَا، فَإِنْ تَلِفَا قَبْلَ الْجَزِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقْبِضُهُمَا وَكَذَلِكَ مَالُ الْعَبْدِ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْجَدِّ وَالْجَزِّ وَالِانْتِزَاعِ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ رَدُّ ذَلِكَ إنْ عَرَفَ قَدْرَهُمَا رَدَّ مِثْلَهُمَا بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَإِلَّا غَرِمَ قِيمَتَهُمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتْرَكَا عِنْدَهُ بِحِصَّتِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِالْبَيْعِ وَلَا صُوفِ الْغَنَمِ قَبْلَ الْجَزِّ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَلَوْ أَبْقَى ذَلِكَ عِنْدَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ لَكَانَ إفْرَادًا لَهُ بِالْبَيْعِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَا تَكُونُ الثَّمَرَةُ أَوْ الصُّوفُ لِلْمُبْتَاعِ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالْجَدِّ أَوْ الْجَزِّ وَهُوَ الَّذِي يَتَطَرَّقُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتِمُّ قَبْضُهُ وَانْفِصَالُهُ مِنْ الْمَبِيعِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ النَّمَاءُ غَيْرَ ظَاهِرٍ حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ كَالْوَلَدِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْأُمِّ مَا كَانَ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْأُمِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نَمَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَجُزْ إمْسَاكُهُ مَعَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ كَالسِّمَنِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَاضِرًا رَدَّهُ مَعَ الْمَبِيعِ، وَإِنْ كَانَ أَكَلَهُ رَدَّ قِيمَتَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ رَدَّ ثَمَنَهُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يَبِيعُ الشَّاةَ حَامِلًا فَتَلِدُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَيَأْكُلُ سَخْلَتَهَا أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ أَوْ يُمْسِكَهَا وَيَأْخُذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ قَالَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ رُبَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَمَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُرْجَى