للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

إلَّا مَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَنْ تَحِيضُ لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُبْرِئُهَا إلَّا الْحَيْضَةُ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَجْهَ قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ تَأَخُّرَهَا لَيْسَ بِرِيبَةٍ وَلَا يُفِيدُ وَضْعُهَا إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا مَا يُفِيدُ وَضْعُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَا مَعْنَى لِلْإِضْرَارِ بِالْمُتَبَايِعِينَ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ مَنْ تَحِيضُ لَا يُبْرِئُهَا إلَّا الْحَيْضُ الْمُعْتَادُ إلَّا أَنْ تَتَأَخَّرَ عَنْ عَادَتِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَى الْأَشْهُرِ كَمَا لَوْ حَاضَتْ لِشَهْرٍ.

١ -

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ الِاسْتِبْرَاءُ وَالْمُوَاضَعَةُ تَقَعُ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ، وَذَلِكَ بِظُهُورِ الْحَيْضِ فَإِنَّ بِأَوَّلِ الدَّمِ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَسَقَطَتْ سَائِرُ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ وَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا أَوْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ ذَلِكَ لِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ وَيُحْكَى عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضَةٌ.

(فَصْلٌ) وَأَمَّا الْمُوَاضَعَةُ بِالْأَشْهُرِ فَفِي مَنْ لَا تَحِيضُ لِعِلَّةٍ أَوْ لِيَأْسٍ، فَأَمَّا مَنْ لَا تَحِيضُ لِعِلَّةٍ وَرِيبَةٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَأَمَّا مَنْ لَا تَحِيضُ لِيَأْسٍ فَهَذِهِ مُوَاضَعَتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانِ بْنُ يَسَارٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - شَهْرٌ وَنِصْفٌ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَا إلَيْهِ أَنَّ الْمُبْدَلَ لَا يَخْتَلِفُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَقَادِيرُ مُبْدَلَاتِهِ مَعَ اتِّفَاقِ مَعَانِيهَا كَالتَّيَمُّمِ لَا يَخْتَلِفُ مِقْدَارُهُ بِاخْتِلَافِ مِقْدَارِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَفْسِيرِ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا فَإِنَّ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً بِجَارِيَتَيْنِ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثُ الْجَوَارِي مِنْ أَعْلَى الرَّقِيقِ أَوْ وَخْشِهِ، فَإِنْ كُنَّ مِنْ أَعْلَى الرَّقِيقِ ثَبَتَ حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ فِي جَمِيعِهِنَّ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْجَارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا عِوَضُ الْجَارِيَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَا مُسْتَوِيَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى، فَإِنْ هَلَكَتْ الْمُنْفَرِدَةُ أَوْ الرَّفِيعَةُ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ فِي الْمُوَاضَعَةِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْهَالِكَةَ مِنْهُمَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَرَجَعَ الْعِوَضُ إلَى صَاحِبِهِ وَمَا أَصَابَ الرَّفِيعَةَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فَالدَّنِيَّةُ تَبَعٌ لَهَا، وَإِنْ هَلَكَتْ الدَّنِيَّةُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ كُلُّهُ أَيْضًا، وَرَوَى هُوَ وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الدَّنِيَّةَ مِنْ بَائِعِهَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الَّتِي مَعَهَا فِي قِيمَةِ الْمُنْفَرِدَةِ لِضَرُورَةِ الشَّرِكَةِ، وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَلَاكَ الْجَارِيَةِ قَبْلَ إبْرَامِ الْبَيْعِ فِي عِوَضِهَا يُوجِبُ نَقْضَ الْعَقْدِ كُلِّهِ دُونَ مُرَاعَاةِ يَسِيرِ مَا هَلَكَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ إبْرَامِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَدَّى نَقْضَ الْيَسِيرِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ امْتِنَاعَ التَّسْلِيمِ فِي يَسِيرِ الْمَبِيعِ لَا يُوجِبُ نَقْضَ الْبَيْعِ فِي جَمِيعِهِ إذَا لَمْ يُحْدِثْ نَقْصًا فِي غَيْرِهِ كَالِاسْتِحْقَاقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ، فَإِنْ تَبَايَعَا بِجَارِيَتَيْنِ تَوَاضَعَاهُمَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ تَبَايَعَا جَارِيَتَيْنِ فَتَوَاضَعَاهُمَا فَحَاضَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الَّتِي حَاضَتْ تُوقَفُ كَالثَّمَنِ الْمَوْضُوعِ، وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ يَقْبِضُهَا رَبُّهَا وَتَبْقَى الْأُخْرَى عَلَى حُكْمِ الْمُوَاضَعَةِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهَا كَالثَّمَنِ الْمَوْضُوعِ لَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِهَا أَنْ يَقْبِضَهَا حَتَّى يُسَلِّمَ عِوَضَهَا مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ عِوَضَهَا، وَوَجْهُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا قَالَهُ أَنَّ هَذِهِ قَدْ كَمُلَ فِيهَا الْبَيْعُ، فَإِنْ سَلَّمَ الْعِوَضَ تَمَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا، وَإِنْ عَرَضَ لَهَا مَانِعٌ مَضَتْ الْأُولَى بِقِيمَتِهَا وَكَانَتْ كَجَارِيَةٍ بِجَارِيَةٍ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبِ، وَقَدْ لَزِمَتْ مُشْتَرِيهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ حَدَثَ بِهَا الْحَادِثُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فُسِخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا لَمْ تُضْمَنْ بِالْقِيمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>