للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

أَحَدُ جُدْرَانِهَا الْأَرْبَعَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُبْتَاعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تُتَّخَذُ غَالِبًا إلَّا لِلْقُنْيَةِ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْأَثْمَانَ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَنْ سَاوَى بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا بَيْعٌ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ يَفُتْ كَالْحَيَوَانِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا يُنْقِصُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَلَا يُنْقِصُ جَسَدَهُ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ الْحَدِّ فِيهِ فِي الرَّقِيقِ، وَالزِّنَى فِي الْأَمَةِ، وَالْحِرَانِ فِي الْفَرَسِ، أَوْ النِّفَارِ الْمُفْرِطِ فِي الدَّوَابِّ أَوْ قِلَّةِ الْأَكْلِ الْمُفْرِطِ فِيهَا فَإِنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ، فَأَمَّا الزِّنَى فِي الْعَبْدِ فَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُرَدُّ بِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ زِنًى وُجِدَ فِي مَمْلُوكٍ فَكَانَ لِمَنْ ابْتَاعَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ جَارِيَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ فِي حَالِ الْكِبْرِ فَعَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ رَائِعَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ رَائِعَيْنِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُرَدُّ بِهِ الْعَبْدُ وَتُرَدُّ بِهِ الْأَمَةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(فَرْعٌ) وَلَا تُرَدُّ بِالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَا يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ إلَّا بِشُبْهَةٍ مِثْلِ أَنْ تُوضَعَ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ لَهُ امْرَأَةٌ تَنْظُرُ إلَيْهَا فَتُخْبِرُ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَوْ الرَّجُلُ فَيَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ أَتَى الْمُبْتَاعُ بِمَنْ تَنْظُرُ إلَى مَرْقَدِهَا بِالْغَدَوَاتِ مَبْلُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْبَائِعُ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

التَّأْنِيثُ فِي الْعَبْدِ وَالتَّرَجُّلُ فِي الْأَمَةِ عَيْبٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُتَخَنِّثًا أَوْ تَكُونَ الْأَمَةُ مُتَرَجِّلَةً كَشِرَارِ النِّسَاءِ، فَأَمَّا تَرْصِيعُ كَلَامِ الرَّجُلِ وَتَذْكِيرُ كَلَامِ الْمَرْأَةِ فَلَا يُرَدَّانِ بِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُرَدُّ الْعَبْدُ إنْ كَانَ مُؤَنَّثًا وَالْأَمَةُ إنْ كَانَتْ مُذَكَّرَةً وَاشْتَهَرَا بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ بَعْضُ الصَّقَلِّيِّينَ لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلَافٍ لَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالدَّيْنُ عَلَى الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ عَيْبٌ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ لِلْأَمَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُرَدُّ بِهِ وَدَلِيلُنَا أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْأَمَةِ فَيَثْبُتُ بِهِ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَدَاءِ الْفَرْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الْعَبْدِ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ هَذَا يُبْطِلُ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْهُ حُكْمًا مَقْصُودًا وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَالْأُمُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يَمِيلُ إلَيْهِمْ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَيَصْرِفُ إلَيْهِمْ فَضْلَ كَسْبِهِ وَبَعْضَ قُوتِهِ فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِغَلَّتِهِ وَقُوتِهِ، وَأَمَّا الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَسَائِرُ الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمْ رَدٌّ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُمْ أَبْعَدُ وَالضَّرَرَ بِهِمْ أَقَلُّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا عِثَارُ الدَّابَّةِ فَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ بَائِعِهَا بِشَهَادَةٍ أَوْ إقْرَارٍ رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَكَانَ عِثَارُهَا قَرِيبًا مِنْ بَيْعِهَا حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ، وَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بِهَا بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَمُدَّةٍ يَحْدُثُ الْعِثَارُ فِي مِثْلِهَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) وَهَذِهِ الْعُيُوبُ كُلُّهَا إنَّمَا يُرَدُّ بِهَا إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ وَدَعَا الْمُبْتَاعُ إلَى يَمِينٍ الْبَائِعَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبَاقِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّرِقَةِ وَالزِّنَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ، وَجْهُ نَفْيِ الْيَمِينِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْمُبْتَاعَ إذَا أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ اسْتَحْلَفَ الْبَائِعَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَوَجْهُ إثْبَاتِ الْيَمِينِ أَنَّهُ عَيْبٌ ثَابِتٌ يُشَكُّ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ فَلَزِمَ الْبَائِعَ الْيَمِينُ لِيَبْرَأَ مِنْهُ كَعَيْبٍ وَجَدَهُ فِي جَسَدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ نُطْقًا، وَالثَّانِي أَنْ يُصِيبَ الْبَائِعُ بِهِ الْمَبِيعَ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَادَةَ الْمَبِيعِ وَعُرْفَهُ، فَأَمَّا مَا شَرَطَهُ نُطْقًا فَإِنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ الْأَعْلَى مِنْ جِهَتِهِ الْيَمِينُ فَوَجَدَ خِلَافَهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ اشْتَرَطَ الْأَدْوَنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>