للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فِي ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ الْأَمَةُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْبًا تَرُدُّ بِهِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا فِي الدَّمِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا تُرَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ بِالْحَيْضِ قَدْ لَزِمَتْ الْمُبْتَاعَ فَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَزِمَهُ وَهَذِهِ الِاسْتِحَاضَةُ الَّتِي تَكُونُ عَيْبًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ شَهْرَانِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يُنْقِصُ ثَمَنَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَتَى مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ ضَرَرٌ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَبْلَ هَذَا إنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ التَّبَرِّي مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي تَأَخُّرِهِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ الضَّرَرُ وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الَّتِي لَمْ يَأْتِ مِنْهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ مَا خَالَفَ الْمَعْهُودَ، وَإِنَّمَا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْحَمْلُ عَيْبٌ فِي الْمُرْتَفِعَةِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ عَيْبٌ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهِنَّ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ فَثَبَتَ بِهِ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ عَيْبٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوَخْشِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْحَمْلِ فِي الْوَخْشِ لَا يُؤَثِّرُ كَبِيرَ تَأْثِيرٍ وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ نَقْصًا فِيهِنَّ وَلِذُلِّك يَجُوزُ بَيْعُهُنَّ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ تَدُورُ عَلَى هَذَا، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ رُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ ابْتَاعَهَا فِي جُمْلَةِ رَقِيقٍ لَمْ يَرُدَّهَا بِعَيْبِ الْحَمْلِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يُرَدُّ بِالْحَمْلِ فَكَيْفَ يَكُونُ وَجْهُ الرَّدِّ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَجَاءَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يُرَدَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ جَازَ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ مَا يَقْدُمُ وَيَحْدُثُ مِنْ الْعُيُوبِ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنَّهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ يَثْبُتُ الرَّدُّ بِهِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الزَّعَرُ فَإِنَّهُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْعَانَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ سَحْنُونٌ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِلَذَّةِ الْوَطْءِ، وَهَذَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِالْفَرْجِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُتَّقَى عَاقِبَتُهُ مِنْ الدَّاءِ السُّوءِ يَعْنِي الْجُذَامَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ فِي آبَاءِ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ مَجْذُومٌ أَوْ مَجْذُومَةٌ فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ وَخْشًا كَانَ أَوْ رَائِعًا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُتَّقَى سِرَايَتُهُ إلَى الْوَلَدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُ أَجْدَادِ الْأَمَةِ أَسْوَدَ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ لَا رَدَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ عَيْبٍ وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ قَالَ لِمَا يُتَّقَى أَنْ يَخْرُجَ وَلَدُهُ مِنْهَا أَسْوَدَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا عُيُوبُ الدَّوَابِّ الَّذِي يُزَهِّدُ فِيهَا وَيُنْقِصُ مِنْ أَثْمَانِهَا، فَإِنْ كَانَ خِلْقَةً كَالْعَوَرِ وَالْجَرَدِ أَوْ حَادِثًا كَالرَّمَصِ وَالدَّبَرِ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَبِيعَاتِ غَيْرُ الرِّبَاعِ، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ ثَمَنَهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الدَّارُ فَإِنْ وَجَدَ بِهَا صَدْعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا مَا يُخَافُ مِنْهُ سُقُوطُ الدَّارِ فَيُرَدُّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعُيُوبُ فِي الرِّبَاعِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَسْتَغْرِقَ مُعْظَمَ الثَّمَنِ فَهَذَا يُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي أَنْ لَا يَنْقُصَ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا لَا يُرَدُّ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فِيهِ، وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَنْقُصَ مُعْظَمُهُ فَهَذَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الدَّارُ وَرَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّهُ تُرَدُّ بِهِ، وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِقَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّ الدَّارَ تُخَالِفُ سَائِرَ الْمَبِيعَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ مِنْهَا الْيَسِيرَ لَزِمَ الْبَاقِي بِالثَّمَنِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْعَبْدِ الْيَسِيرِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَاقِي بِالثَّمَنِ، وَوَجْهٌ ثَانٍ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ الْعَقْدَ فِيهَا وَاسْتَحَقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>