للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويتوخى الحق، ولم يكن يتحيز لطائفة أو دولة، أو لأي إنسان مهما عظم نفوذه، ثم يقول الرافعي: "وإنك لتستطيع أن تتحق نزاهة الجبرتي من مطالعة كتابه وإمعان النظر فيه" (١).

والجبرتي هو الذي يصف لنا ما أنزله يعقوب -تحت ظلال حملة نابليون- بالشعب المصري، من خلال نزعته الطائفية التعصبية، فقد "كرنك في داره بالدرب الواسع جبهة الرويعي، واستعدّ استعدادًا كبيرًا بالسلاح والعسكر المحاربين، وتحصّن بقلعته التي كان قد شيدها بعد الواقعة الأولى (أي ثورة القاهرة الأولى ضد بونابرت وجيشه). فكان معظم حرب حسن بك الجداوي (من زعماء المماليك) معه" (٢).

- ويذكر الجبرتي في حوادث سنة ١٢١٦ هجرية (٢٠ من المحرم = يونيه ١٨٠١ م):

"توكل رجل قبطي يقال له عبد الله -من طرف يعقوب- بجمع طائفة من الناس لعمل المتاريس، فتعدّى على بعض الأعيان، وأنزلهم من على دوابهم، وعسف وضرب بعض الناس على وجهه حتى أسال دمه .. فتشكى الناس من ذلك القبطي، وأنهوا شكواهم إلى "بليار" قائمقام، فأمر بالقبض على ذلك القبطي، وحبسه بالقلعة، ثم فردوا -لعلها فرضوا- على كل حارة رجلين يأتي بهما شيخ الحارة وتدفع لهما أجرة من شيخ الحارة" (٣).

ويشير الجبرتي في حوادث سنة ١٢١٤ هـ (٢٠ من ذي الحجة = ١٥


(١) "تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر" (ص ٤١٧) وما بعدها - ط ٥ طبع دار المعارف.
(٢) "المعلم يعقوب بين الأسطورة والحقيقة" لأحمد حسين الصاوي (ص ٢٦) - دار الفكر - القاهرة.
(٣) "المختار من تاريخ الجبرتي" (ص ٤٣٦).