وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر «أَنه أَنَاخَ رَاحِلَته مُسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ جلس يتبول إِلَيْهَا، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: إِنَّمَا نهي عَن ذَلِك فِي الفضاء، فَإِذا كَانَ بَيْنك وَبَين الْقبْلَة شَيْء يسترك فَلَا بَأْس بِهِ» . وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» وَقَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ. قَالَ النَّوَوِيّ: وَفعل ابْن عمر هَذَا يبطل التَّعْلِيل الْمَذْكُور؛ فَإِنَّهُ لَو كَانَ صَحِيحا لم يجز فِي هَذِه الصُّورَة، فَإِنَّهُ مستدبر الفضاء الَّذِي فِيهِ المصلون. قَالَ: وَالتَّعْلِيل الصَّحِيح الَّذِي اعْتمد القَاضِي حُسَيْن وَالْبَغوِيّ (وَغَيرهمَا) أَن جِهَة الْقبْلَة معظمة؛ فَوَجَبَ صيانتها فِي الصَّحرَاء (وَرخّص فِيهَا فِي الْبناء) للْمَشَقَّة.
وَمِمَّا بَقِي من هَذَا الْبَاب مَا قد يُقَال: يجب علينا عزوه. وَهُوَ مَا نَقله الإِمَام الرَّافِعِيّ فِيمَا إِذا انْتَشَر الْخَارِج أَكثر من الْقدر الْمُعْتَاد وَلم يُجَاوز الأليتين، فَفِي جَوَاز الِاقْتِصَار فِيهِ عَلَى الْأَحْجَار قَولَانِ: أظهرهمَا الْجَوَاز، وَاحْتج الشَّافِعِي لَهُ بِأَن قَالَ: لم يزل فِي زمَان رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَإِلَى الْيَوْم رقة الْبُطُون، وَكَانَ أَكثر أقواتهم التَّمْر، وَهُوَ مِمَّا يرقق الْبَطن، وَمن رق بَطْنه انْتَشَر الْخَارِج مِنْهُ عَن الْموضع وَمَا حواليه، وَمَعَ ذَلِك أمروا بالاستجمار. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute