رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْأَنْصَار ليكتب لَهُم بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا وَالله حَتَّى تكْتب لإِخْوَانِنَا [من قُرَيْش] بِمِثْلِهَا. فَقَالَ: ذَلِك لَهُم مَا شَاءَ الله كل ذَلِك يَقُول لَهُ، فَقَالَ: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة [فَاصْبِرُوا] حَتَّى (تروني) » . ثمَّ عزاهُ إِلَى رِوَايَة البُخَارِيّ ثمَّ رَوَاهُ حَدِيث أنس أَيْضا «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أقطع الْأَنْصَار الْبَحْرين وَأَرَادَ أَن يكْتب لَهُم كتابا فَقَالُوا: لَا. .» بِمثل مَا تقدم.
الحَدِيث الثَّانِي عشر
حَدِيث «الزبير والأنصاري اللَّذين اخْتَصمَا فِي شراج الْحرَّة» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا سلف وَاضحا فِي إحْيَاء الْموَات، وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ قَالَ: ذكر عَن جمَاعَة من الْأَئِمَّة مِنْهُم «الإِمَام» وَصَاحب «التَّهْذِيب» [أَن الْمَنْع] من الْقَضَاء فِي حَالَة الْغَضَب مَخْصُوص بِمَا إِذا لم يكن الْغَضَب لله تَعَالَى، فَأَما إِذا غضب لله فِي حُكُومَة وَهُوَ مِمَّن يملك نَفسه فِيمَا يتَعَلَّق بِحقِّهِ فَلَا بَأْس بِهِ؛ لحَدِيث الزبير والأنصاري حِين تخاصما فِي شراج الْحرَّة، وَقد أوردناه فِي إحْيَاء الْموَات. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَلَكِن احْتج آخَرُونَ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى أَنه لَو قَضَى فِي حَال من الْغَضَب نفذ، وَإِن كَانَ مَكْرُوها. وَاعْترض ابْن الرّفْعَة فَقَالَ فِي «كِفَايَته» : «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام حكم فِي حَال غَضَبه» وَفِيه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن مَا نَقله عَن الإِمَام وَالْبَغوِيّ وَغَيرهمَا: أَن هَذِه الْكَرَاهَة فِيمَا إِذا لم يكن الْغَضَب لله - تَعَالَى - أما إِذا كَانَ لله - تَعَالَى - فِي الحكم، فَلَيْسَ مَنْهِيّا عَنهُ، وغضبه عَلَيْهِ السَّلَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute