فَقدم الْأَصْوَات عَلَى الْقُرْآن وَهُوَ الصَّحِيح. ثمَّ رَوَاهُ بِسَنَدِهِ من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن معمر.
قلت: وَقد أخرجه الْحَاكِم عَن مَنْصُور من سِتّ طرق: سُفْيَان، وزائدة، وَعَمْرو بن أبي قيس، وَجَرِير، وَابْن طهْمَان، وعمار كلهم، عَن مَنْصُور، عَن طَلْحَة، بِتَقْدِيم الْقُرْآن عَلَى الْأَصْوَات، وَكَذَلِكَ الطّرق الَّتِي قدمناها عَن الْحَاكِم كلهَا بِتَقْدِيم الْقُرْآن إِلَّا فِي رِوَايَة وَاحِدَة من حَدِيث عبد الرَّزَّاق، عَن مَنْصُور، عَن الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة مقدم فِيهَا الْأَصْوَات عَلَى الْقُرْآن، وَهِي فِي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير من طَرِيقين آخَرين:
أَحدهمَا: من حَدِيث عبد الله بن خرَاش - قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث - عَن عَمه الْعَوام بن حَوْشَب، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه: «زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ» .
ثَانِيهمَا: من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد الْبَقَّال، عَن الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه: «حسنوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ» فَيتَعَيَّن أَن تَقْدِيم رِوَايَة الْقُرْآن هِيَ الصَّحِيحَة، وَمَعْنَاهَا عَلَى ظَاهرهَا وَمَا عَداهَا مَحْمُول عَلَيْهَا، وَيكون قَوْله «الْقُرْآن» فِي مَوضِع الْحَال، أَي: زَينُوا أَصْوَاتكُم فِي حَال الْقِرَاءَة، وَقد جَاءَ ذَلِك مُصَرحًا فِي «مُسْند الدَّارمِيّ» و «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» من حَدِيث عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن زَاذَان، عَن الْبَراء رَفعه: «زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ فَإِن الصَّوْت الْحسن يزِيد الْقُرْآن حسنا» وَهَذَا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل وَلَا الْقلب، وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا بِالْقُرْآنِ الْكَلَام الْقَدِيم، وَإِنَّمَا المُرَاد مَا يسمعهُ من الْحُرُوف والأصوات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute