وَقَول الْمَاوَرْدِيّ: لَا اعْتِبَار بإنكار الْمُحدث أطلقهُ، وَقد قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي مُخْتَصره: إِذا كذَّب الأَصْلُ الفَرْعَ سَقَطَ كِكَذِبِ وَاحِدٍ غيرِ مُعيَّنٍ. وَلَا يقْدَح فِي عدالتهما؛ فَإِن قَالَ: لَا أَدْرِي، فالأكثر يعْمل بِهِ خلافًا لبَعض الْحَنَفِيَّة، وَلأَحْمَد رِوَايَتَانِ، وَمحل الْخَوْض فِي الْمَسْأَلَة عُلُوم الحَدِيث أَيْضا، وَقد أوضحناها فِي مختصري لكتاب ابْن الصّلاح الْجَامِع بَين عُيوُبه وَالزِّيَادَة الْمُهِمَّات عَلَيْهِ، وَحَاصِل كَلَام هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْحفاظ الَّذين أطلنا ذكرهم - وَهُوَ من الْمُهِمَّات - صِحَّته والاحتجاج بِهِ، لَا جرم ذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الْإِلْمَام» وَعَزاهُ إِلَى أبي دَاوُد وَحده، قَالَ: وَبَعْضهمْ يعله بِمَا خُولِفَ فِي تَأْثِيره. وَاعْترض بَعضهم بِوَجْه آخر، فَقَالَ: قد صحَّ عَن عَائِشَة «أَنَّهَا أنكحت بنت أَخِيهَا عبد الرَّحْمَن وَهُوَ مُسَافر بِالشَّام قريب (الأوبه) بِغَيْر إِذْنه؛ بل أنكر إِذْ بلغه» فَلم تَرَ عَائِشَة ذَلِك مُبْطلًا لما وَقع؛ بل قَالَت للَّذي زَوجهَا مِنْهُ - وَهُوَ الْمُنْذر بن الزبير -: «اجْعَل أمرهَا إِلَيْهِ. فَفعل فأنفذه عبد الرَّحْمَن» وبوجه آخر وَهُوَ أَن الزُّهْرِيّ رَاوِي هَذَا الحَدِيث أفتَى بِخِلَاف ذَلِك.
فروَى عبد الرَّزَّاق عَن معمر أَنه قَالَ: (سَأَلت) الزُّهْرِيّ، عَن الرجل يتَزَوَّج بِغَيْر إِذن ولي، فَقَالَ: إِن كَانَ كُفؤًا لَهَا لم يفرق بَينهمَا.
وَالْجَوَاب عَن الأول: أَنه قد تقرر أَن الْعَمَل بِمَا رَوَاهُ الرَّاوِي لَا بِمَا رَآهُ، كَيفَ وَقد رَوَى الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهَا أَنَّهَا أنكحت رجلا من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute