للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: كَانَ بعض شُيُوخنَا يسْتَشْكل ذكر عبد الْملك فِي الْأَثر السالف عَن رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وَيَقُول: إِن فِيهِ نظرا؛ لِأَنَّهُ ولي الْخلَافَة سنة خمس وَسِتِّينَ، وَكَانَت وَفَاة عَائِشَة وَأم سَلمَة قبل ذَلِك (بسنين) ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يحمل عَلَى أَن عبد الْملك أرسل البُرُد إِلَيْهِ قبل خِلَافَته. قَالَ: وَفِيه بُعْد؛ إِذْ لَا نعلم لعبد الْملك فِي زمن عَائِشَة وَأم سَلمَة ولَايَة تَقْتَضِي إرسالهم عَلَى الْبرد، وَهَذَا الْإِشْكَال مَسْبُوق بِهِ.

قَالَ ابْن [معن] فِي «تنقيبه» : بعث عبد الْملك - إِن كَانَ هُوَ ابْن مَرْوَان - الْأَطِبَّاء إِلَى ابْن عَبَّاس فِيهِ بعد؛ لِأَن ابْن عَبَّاس توفّي قبله بثماني عشرَة سنة؛ لِأَن ابْن عَبَّاس توفّي بِالطَّائِف سنة ثَمَان وَسِتِّينَ، وَعبد الْملك توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. قَالَ: فَلَعَلَّهُ حمل الْأَطِبَّاء إِلَيْهِ أول مَا كَانَ مُخَاطبا بالخلافة بِالشَّام قبل الْإِجْمَاع عَلَى خِلَافَته. وَقَالَ ابْن الصّلاح: الْمَذْكُور فِي «الْمُهَذّب» أَن عبد الْملك بن مَرْوَان حمل لَهُ الْأَطِبَّاء عَلَى الْبرد، فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فاستفتى عَائِشَة وَأم سَلمَة فنهتاه - لَا يَصح؛ لِأَن عبد الْملك إِنَّمَا (ولي) الْخلَافَة بعد مَوْتهمَا وَمَوْت أبي هُرَيْرَة بسنين عدَّة.

وَأجَاب عَنهُ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» فَقَالَ: هَذَا الْمَذْكُور من استفتاء عَائِشَة وَأم سَلمَة أنكرهُ بعض الْعلمَاء وَقَالَ: إِنَّه بَاطِل من حَيْثُ إنَّهُمَا توفيتا قبل خلَافَة عبد الْملك بأزمان، وَهَذَا الْإِنْكَار بَاطِل؛ فَإِنَّهُ لَا يلْزم من بَعثه أَن يَبْعَثهُ فِي زمن خِلَافَته؛ بل يبْعَث فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وزمن

<<  <  ج: ص:  >  >>