بِهِ من أَن يَقْتَدِي بقول من لَا يعلم، وَقَالَ معمر: قَالَ ابْن الْمُبَارك: صليت إِلَى جنب النُّعْمَان فَرفعت يَدي، فَقَالَ: مَا خشيت أَن تطير! قلت: إِن لم أطر فِي (الأولَى) لم أطر فِي الثَّانِيَة. وَلما رَوَى البُخَارِيّ الرّفْع فِي الْمَوَاضِع السالفة عَن أَعْلَام أَئِمَّة الْإِسْلَام من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم، قَالَ: هَؤُلَاءِ أهل مَكَّة وَالْمَدينَة واليمن وَالْعراق قد اتَّفقُوا عَلَى رفع الْأَيْدِي. ثمَّ رَوَاهُ عَن جماعات آخَرين ثمَّ قَالَ: فَمن زعم أَن رفع الْأَيْدِي بِدعَة (فقد) طعن فِي أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَالسَّلَف وَمن بعدهمْ وَأهل الْحجاز وَأهل الْمَدِينَة وَمَكَّة وعدة من أهل الْعرَاق وَأهل الشَّام واليمن وعلماء خُرَاسَان مِنْهُم ابْن الْمُبَارك حَتَّى شُيُوخنَا، وَلم يثبت عَن أحد من الصَّحَابَة ترك الرّفْع، وَلَيْسَ أَسَانِيد أصح من أَسَانِيد الرّفْع. قَالَ: وَأما رِوَايَة الرّفْع فِي الِافْتِتَاح وَالرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ وَرِوَايَة الرّفْع فِي هَذِه الْمَوَاضِع وَفِي الْقيام من الرَّكْعَتَيْنِ فالجميع صَحِيح؛ لأَنهم لم يحكوا صَلَاة وَاحِدَة (فَاخْتَلَفُوا) فِيهَا بِعَينهَا مَعَ أَنه لَا (اخْتِلَاف) فِي ذَلِك، وَإِنَّمَا زَاد بَعضهم عَلَى بعض، وَالزِّيَادَة مَقْبُولَة من أهل الْعلم، وَالله - تَعَالَى - أعلم.
وَإِذا انْتَهَى الْكَلَام (بِنَا) فِي الرّفْع، وَهُوَ من الْمُهِمَّات وَقد اجْتمع فِيهِ - بِفضل الله - مَا لم يجْتَمع فِي غَيره من المصنفات مَعَ رِعَايَة الِاخْتِصَار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute