وَأما الحَدِيث الثَّانِي: وَهُوَ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب؛ فَهُوَ حَدِيث ضَعِيف بِاتِّفَاق الْحفاظ، كسفيان بن عُيَيْنَة وَالشَّافِعِيّ وَعبد الله بن الزبير الْحميدِي شيخ البُخَارِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وَيَحْيَى بن معِين والدارمي وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهم من الْمُتَقَدِّمين، وَهَؤُلَاء أَرْكَان الحَدِيث وأئمة الْإِسْلَام فِيهِ، وَأما (الْحفاظ) الْمُتَأَخّرُونَ الَّذين ضَعَّفُوهُ فَأكْثر من أَن تحصر كَابْن عبد الْبر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن الْجَوْزِيّ وَغَيرهم، وَسبب ضعفه أَنه من رِوَايَة يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى، عَن الْبَراء - كَمَا سلف - وَاتفقَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة المذكورون وَغَيرهم عَلَى أَن يزِيد بن أبي زِيَاد غلط فِيهِ، وَأَنه رَوَاهُ أَولا «إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع (يَدَيْهِ) » قَالَ سُفْيَان: فَقدمت الْكُوفَة فَسَمعته يحدث (بِهِ) وَيزِيد فِيهِ «ثمَّ لَا يعود» فَظَنَنْت أَنهم لقنوه. قَالَ سُفْيَان: وَقَالَ لي أَصْحَابنَا إِن حفظه قد تغير أَو قد سَاءَ. قَالَ الشَّافِعِي: ذهب سُفْيَان إِلَى تغليط يزِيد بن أبي زِيَاد فِي هَذَا الحَدِيث وَيَقُول: كَأَنَّهُ لقن هَذَا الْحَرْف فتلقنه، وَلم يكن سُفْيَان (يرَى) يزِيد بِالْحِفْظِ لذَلِك. وَذكر الْخَطِيب هَذِه الزِّيَادَة «ثمَّ لَا يعود» فِي «المدرج» وَقَالَ: إِنَّهَا لَا تثبت عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - لقنها يزِيد فِي آخر عمره (فتلقنها) وَقد حدث بِهِ عَن يزِيد بإسقاطها: الثَّوْريّ وَشعْبَة و [هشيم]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute