للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَازُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَمْ يَلْحَنْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلْيُعِدْ يُرِيدُ إلَّا أَنْ تَسْتَوِيَ حَالُهُمْ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْقَابِسِيُّ: قَالَ هُوَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ الظَّاءَ مِنْ الضَّادِ، وَإِنْ لَحَنَ فِيمَا عَدَا أُمَّ الْقُرْآنِ فَذُكِرَ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ أَنَّهُ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ: لَا تُجْزِئُهُ وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا قَالَ: وَهُوَ وَاضِحٌ كَمَنْ تَرَكَ السُّورَةَ عَامِدًا انْتَهَى.

وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ حَكَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ فِيمَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ أَنَّ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ فَاسِدَةٌ، قَالَا: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ الظَّاءَ مِنْ الضَّادِ أَنَّهُ يُعِيدُ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ لِلْقَرَوِيِّينَ فِيمَنْ يَلْحَنُ فِيمَا عَدَا أُمَّ الْقُرْآنِ، قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ: تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ شَبْلُونٍ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ: لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ، وَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَا بَيْنَ غَيْرِهَا، قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ عِنْدِي أَصَحُّ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ تُجْزِئُ عَنْ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ حَالًا مِمَّنْ تَرَكَ مَا عَدَا أُمَّ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ بِاللَّحْنِ، وَمَا لَا يَجُوزُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ الَّذِي يَحِلُّ أَنْ يَتْلُوَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا، وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ: إنَّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ أَشَدُّ مِمَّنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ، وَهَذَا عِنْدِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الَّذِي قَرَأَ، وَلَا يُحْسِنُ مَا يَقْرَأُ هُوَ يُشْبِهُ الْمُتَكَلِّمَ كَمَا ذَكَرْت، فَالتَّارِكُ أَيْسَرُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي نَاسِي أُمِّ الْقُرْآنِ: هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ انْتَهَى.

وَفِي النَّوَادِرِ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَتُكْرَهُ إمَامَةُ اللَّحَّانِ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَصْوَبُ قِرَاءَةً مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَرْضِيُّ الْحَالِ، فَاللَّحَّانُ الْأَلْكَنُ، وَالْأُمِّيُّ الَّذِي مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُغْنِيهِ فِي صَلَاتِهِ أَوْلَى مِنْ قَارِئٍ لَا يُرْضَى حَالُهُ، وَقَالَ لَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ اللَّبَّادِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَلْحَنُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلْيُعِدْ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ حَالُهُمْ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِاللَّحَّانِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَ لَحْنُهُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى أَوْ لَا، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَابِسِيِّ وَأَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَصَحُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَالشَّاذُّ الصِّحَّةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ الْبُطْلَانُ لَكِنْ لَا أَعْلَمُ.

مَنْ صَرَّحَ بِتَشْهِيرِهِ نَعَمْ قَالَ الْقَابِسِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُصَلِّي مَنْ يُحْسِنُ خَلْفَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِهَا قَالَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ مَنْ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَغَيْرِهِ انْتَهَى.

وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ نَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ الْقَابِسِيِّ وَزَادَ فِيهِ إنْ لَمْ تَسْتَوِ حَالُهُمَا.

(قُلْت) ، وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي قَوْلِ ابْنِ اللَّبَّادِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مُعْتَمِدًا عَلَى تَصْحِيحِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ ضَعَّفَهُ وَرَدَّهُ (الْقَوْلُ الثَّانِي) : إنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَحْنُهُ فِي غَيْرِهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّادِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهَذَا كَانَ كَثِيرُ مَنْ أَدْرَكَنَا يُفْتِي انْتَهَى.

(قُلْت) : قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَشَاهَدْت شَيْخَنَا الشَّبِيبِيَّ يُفْتِي بِهِ بِالْقَيْرَوَانِ، وَكَذَلِكَ أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى.

وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِأَنْ لَا تَسْتَوِيَ حَالُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (الْقَوْلُ الثَّالِثُ) : إنْ كَانَ لَحْنُهُ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى صَحَّتْ إمَامَتُهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ (وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ) : أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ مَكْرُوهَةٌ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ (الْقَوْلُ الْخَامِسُ) أَنَّ إمَامَتَهُ مَمْنُوعَةٌ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>