للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا عِنْدَ التَّفَاحُشِ وَعَدَّ مِنْهَا ثَوْبَ الْغَازِي بِأَرْضِ الْحَرْبِ يَمْسِكُ فَرَسَهُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ عِنْدَ التَّفَاحُشِ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ هُنَا الْعَفْوَ عَنْ بَوْلِ الدَّوَابِّ فِي الزَّرْعِ حِينَ دَرْسِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُنَجِّسُ كَثِيرَ طَعَامٍ مَائِعٍ إلَخْ.

ص (وَأَثَرُ ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ)

ش: لَا مَفْهُومَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعَذِرَةِ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ الْعَذِرَةِ مَعَ إمْكَانِ ظُهُورِ مَا أَصَابَ مِنْهَا فَغَيْرُهَا مِمَّا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ كَالْبَوْلِ، أَوْ مِمَّا نَجَاسَتُهُ مُحَقَّقَةٌ كَالدَّمِ وَالْقَيْحِ إمَّا مِثْلُهَا، أَوْ أَوْلَى وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ التَّعْبِيرُ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا كَانَ كَالذُّبَابِ فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ كَالْبَعُوضِ وَالنَّمْلِ وَنَحْوِهِ فَحُكْمُهُ كَالذُّبَابِ. وَأَمَّا بَنَاتُ وَرْدَانِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ إلْحَاقِهَا بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهَا فَإِنْ أَصَابَ مِنْ أَثَرِهَا شَيْءٌ غُسِلَ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ) وَرَدَ فِي حَدِيثِ الذُّبَابِ أَنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الْآخَرِ دَاءً، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ يَتَّقِي بِاَلَّذِي فِيهِ الدَّاءُ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِي بَعْضِهِ السُّمَّ قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ تَعْيِينُ الْجَنَاحِ الَّذِي فِيهِ الشِّفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ تَأَمَّلَهُ فَوَجَدَهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الْأَيْسَرِ فَعَلِمَ أَنَّ الْأَيْمَنَ هُوَ الَّذِي فِيهِ الشِّفَاءُ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «عُمُرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً وَالذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إلَّا النَّحْلَ» وَمُسْنَدُهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ الْحَافِظُ كَوْنُهُ فِي النَّارِ لَيْسَ تَعْذِيبًا لَهُ بَلْ لِيُعَذَّبَ بِهِ أَهْلُ النَّارِ، وَيَتَوَلَّدُ مِنْ الْعُفُونَةِ، وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّ رَجِيعَهُ يَقَعُ عَلَى الثَّوْبِ الْأَسْوَدِ أَبْيَضَ وَبِالْعَكْسِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي أَمَاكِنِ الْعُفُونَةِ وَيُبْتَدَأُ خَلْقُهُ مِنْهَا ثُمَّ مِنْ التَّوَالُدِ وَهُوَ أَكْثَرُ الطُّيُورِ سِفَادًا، أَوْ رُبَّمَا بَقِيَ عَامَّةَ الْيَوْمِ عَلَى الْأُنْثَى وَيُحْكَى أَنَّ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ سَأَلَ الشَّافِعِيَّ لِأَيِّ شَيْءٍ خُلِقَ الذُّبَابُ، فَقَالَ: مَذَلَّةً لِلْمُلُوكِ، وَكَانَتْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ ذُبَابَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ سَأَلَنِي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ فَاسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ مِنْ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ.

ص (وَمَوْضِعُ حِجَامَةٍ مُسِحَ)

ش: أَيْ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ قَبْلَ الْمَسْحِ فَإِذَا بَرِئَ الْمَاسِحُ غَسَلَ وَحُكْمُ الْفِصَادَةِ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

ص (وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ) . ش هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ يُونُسَ وَتَأَوَّلَا الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَمُقَابِلُهُ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَبِالْإِطْلَاقِ.

ص (وَكَطِينِ مَطَرٍ، وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا بَأْسَ بِطِينٍ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقِعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، أَوْ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ، أَوْ الْجَسَدَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ قَالَ عِيَاضٌ وَالْمُسْتَنْقِعُ بِكَسْرِ الْقَافِ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِ مَطْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ مَا أَصَابَ حِينَ نُزُولِ الْمَطَرِ، أَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْمُسْتَنْقِعِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ فِي الْجُمْلَةِ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَأَتَى بِالْكَافِ لِيَدْخُلَ فِي ذَلِكَ مَاءُ الرَّشِّ الَّذِي فِي الطُّرُقَاتِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَيْخِهِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَنَحْوُ الْمُسْتَنْقِعِ مِنْ فَضَلَاتِ النِّيلِ فِي الطُّرُقَاتِ.

ص (إلَّا إنْ غَلَبَتْ) . ش أَيْ لَا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً عَلَى الطِّينِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ يُرِيدُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً، أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَقَبِلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَنَدٌ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا النَّجَاسَاتُ يُرِيدُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ النَّجَاسَةَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ طِينُ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ وَقَدْ اخْتَلَطَتْ بِطِينِ الْمَطَرِ وَهَذَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَسْلِ مِثْلِ هَذَا بِخِلَافِ غَسْلِ مَا يَكُونُ مِنْ الطِّينِ انْتَهَى.

وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>