للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلَامَةُ وَمَمْنُوعٌ إذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَمِيدُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا لِكَثْرَةِ الرُّكَّابِ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ، قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ فَلَا يَرْكَبُ لِحَجٍّ وَلَا لِعُمْرَةٍ أَيَرْكَبُ حَيْثُ لَا يُصَلِّي وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَيُكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا جَالِسًا وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: مَنْ أَرَادَ رُكُوبَ الْبَحْرِ وَقْتَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ قَائِمًا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ الْبَحْرِ وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِيهِ قَائِمًا قَالَ: يَجْمَعُهُمَا فِي الْبَرِّ قَائِمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا قَاعِدًا، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِيَامِ قَعَدُوا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي هَذَيْنِ السُّؤَالَيْنِ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مَنْ رَكِبَ أَوْ عَزَمَ عَلَى رُكُوبِهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْتَارُهُ لَهُمْ مِنْ الرُّكُوبِ أَوْ التَّرْكِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَبْسُوطِ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ: إنَّهُ يَكْرَهُ رُكُوبَهُ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَّا جَالِسًا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَهُوَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا قَالَ: بَلْ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا فَقُعُودًا قِيلَ: وَيَؤُمُّهُمْ قُعُودًا؟ قَالَ نَعَمْ إذَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَقُومُوا، قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ كَمَا قَالَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ فُرُوضِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا مَنْ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا كَانُوا كَالْمَرْضَى وَجَازَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ الْإِمَامُ قُعُودًا وَهُوَ قَاعِدٌ انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسُئِلَ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنْ الْقَوْمِ فِي الْمَرْكَبِ يُصَلُّونَ جُلُوسًا وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْقِيَامِ قَالَ: يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ إمَامُهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فَمَنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ أَمْكَنَ مَنْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ الْخُرُوجُ إلَى الشَّاطِئِ خَرَجَ إلَيْهِ فَإِنْ أَدَّى الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ عَلَى الْإِكْمَالِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالشَّاطِئِ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ وَآمَنُ مِنْ طَرَيَانِ الْمُفْسِدِ فَإِنْ صَلَّى فِي السَّفِينَةِ وَأَكْمَلَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَخَلَّ بِفَرْضٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَحَّتْ انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ صَلَّى فِي السَّفِينَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا أَجْزَأَهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ فِيهَا قَاعِدًا قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَفْهُومُهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ صَلَّى جَالِسًا الْمَغْرِبِيُّ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ثُمَّ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيَدُورُونَ إلَى الْقِبْلَةِ كُلَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ السُّجُودَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ فِي السَّفِينَةِ أَنْ يَسْجُدَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ رُكُوبُهَا فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَ وَصَلَّى وَسَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَعَادَ أَبَدًا عَلَى قَوْله لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ كَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُقْدَحُ الْمَاءُ مِنْ عَيْنِهِ فَيُصَلِّي إيمَاءً أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا نَقُولُ فِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الزِّحَامِ أَنْ يَسْجُدَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى الْإِيمَاءِ مِنْ أَجْلِ الزِّحَامِ فَكَانَ كَالْمَرِيضِ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ فَرَفَعَ إلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافُ الْمَرِيضِ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ لَمْ يَسْجُدْ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَوْ إيمَاءً فَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ إلَّا إيمَاءً أَوْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ سَجَدَ مَا لَمْ يَعْقِدْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ سَجَدَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ أَوْ مَا لَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ هَلْ هُوَ كَعَقْدِ رَكْعَةٍ أَمْ لَا انْتَهَى.

(الثَّانِي) عُلِمَ مِنْ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمُ رُكُوبِهِ ابْتِدَاءً عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَمِنْ أَثْنَاءِ الْكَلَامِ حُكْمُ رُكُوبِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>