{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} أي: لَقُولُنَا: إنهما خانا، أحق وأصح وأثبت من شهادتهما المتقدمة {وَمَا اعْتَدَيْنَا} أي: فيما قلنا من الخيانة {إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} أي: إن كنا قد كذبنا عليهما، وهذا التحليف للورثة والرجوع إلى قولهما، والحالة هذه، كما يحلف أولياء المقتول إذا ظهر لَوَثٌ في جانب القاتل، فيقسم المستحقون على القاتل فيدفع برمته إليهم كما هو مقرر في باب القسامة من الأحكام.
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن زياد، قال: حدثنا محمَّد بن سلمة عن محمَّد بن إسحاق عن أبي النضر عن باذان يعني أبا صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} قال: بَرِئَ الناس منها غيري وغير عدي بن بَدَّاء، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإِسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له: بُديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به المَلِك وهو عُظْم تجارته، فمرض فأوصى إليهما".
[يعني: هو أعظم التجارة التي معه، والجام: الإناء].
ثم قال ابن كثير رحمه الله: "فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله، قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء، فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا، وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا: ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره، قال تميم: فلما