يعارض الشرع في الأمور العملية التي يدخلها القياس فالأمور العلمية الخبرية من باب أولى؛ لأن الخبر ليس للعقل فيه مجال أبدًا، إلا على سبيل العموم يمكن.
وبناءً على ذلك يتبين خطأ أولئك القوم الذين عطلوا صفات الله عزّ وجل، من الأشاعرة والمعتزلة والجهمية وغيرهم، فقد أخطأوا خطأً عظيمًا؛ لأن الله إذا أخبر عن نفسه بشيء فمعنى ذلك أنه حكم بنفسه أنه مستحق كذا، وأخبر عباده به، فيجب علينا أن نقبله على ظاهره بدون أن نتعرض إلى تحريفه، أولئك القوم الذين حكموا على الله تعالى بعقولهم وقالوا: هذا لا يقبله العقل فلا نقبله ولو جاء به الشرع، ماذا يقولون في الآيات؟ يؤولونها، أي: يحرفونها، وهم لو ردوها صراحة لكانوا كفارًا، يعني: لو قالوا: إن الله لم يستوِ على العرش مثلًا، كفروا، لكن إذا قالوا: إنه استوى على العرش، لكن معنى الاستواء كذا، فهذا تأويل وينظر فيه.
الفائدة السابعة: أنه لا يعرف حسن أحكام الله إلا من عنده يقين، وكلما كان الإنسان أشد يقينًا، كان بيان حسن أحكام الله عنده أكثر وأشد، وإذا شئت أن تعرف هذا فانظر إلى العلماء المحققين كيف يستنبطون من الأحكام الشرعية ما تقتنع به العقول؛ لأنهم موقنون بأن حكم الله أحسن الأحكام فيفتح الله عليهم.
الفائدة الثامنة: الرد على من قال: إن في الأحكام الشرعية في المعاملات خاصة ما خرج عن القياس، مثل: باب السَّلَم، وباب الإجارة، وما أشبه ذلك، فنقول: ليس في الأحكام الشرعية