فإن قال قائل: هل الإنجيل الموجود الآن في أيدي النصارى هو الإنجيل الذي نزل على عيسى؟
الجواب: لا، فيه وفيه؛ لأن النصارى وكذا اليهود وهم أخبث من النصارى في الجرأة على الله حرفوا التوراة والإنجيل، وكما قال عزّ وجل:{قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا}[الأنعام: ٩١]، وعلى هذا فيجب التحري في نسبة التوراة الموجودة في أيدي اليهود اليوم والإنجيل الموجود في أيدي النصارى اليوم، يجب التحرز وأن يقال: ليس كل ما فيهما حق، بل فيهما ما هو محرف وما هو منقوص وربما يكون فيهما ما هو مزيد.
الفائدة السادسة: أن في الإنجيل هدى ونور، لقوله:{فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}، وهو كذلك، ومن الهدى والنور الذي فيه: أن فيه وصف النبي -صلي الله عليه وسلم-، كما قال الله تعالى:{الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}[الأعراف: ١٥٧]، وأن النبي عيسى عليه الصلاة والسلام بشر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهذا من الهدى والنور.
الفائدة السابعة: أن الكتب الإلهية يصدق بعضها بعضًا، لقوله:{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ}.
الفائدة الثامنة: التنويه بعظمة التوراة وفضلها وشرفها؛ لأنه ذُكر في هذه الآية: أن عيسى مصدقًا لما بين يديه من التوراة وأن الإنجيل أيضًا مصدق لما بين يديه من التوراة.
الفائدة التاسعة: أن في الإنجيل من العلم والموعظة ما ينتفع به المتقون، لقوله:{وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}.