للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهلك فورًا؛ لأنه مغمور بالتراب الذي فوقه، وربما يكون غرقًا في ماء أو محترقًا في نار.

وقوله: {أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} "إِذْن" هنا يراد بها الإذن الكوني؛ لأن إذن الله ينقسم إلى قسمين: إِذن كوني، وإذن شرعي، فالإذن الشرعي ما قضى به شرعًا وأذن فيه شرعًا، وهو تحت المشيئة قد يقع وقد لا يقع، فمثلًا: يقول الله عزّ وجلَّ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١] الإذن هنا شرعي وليس بكوني؛ لأن الله قد أذن به كونًا لكنه لم يأذن به شرعًا، وكذلك قوله تعالى: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: ٥٩] الإذن هنا إذن شرعي، أما في مثل هذه الآية: {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} فهو إذن كوني يعني لا يمكن أن تموت إلَّا إذا أذن الله بذلك كونًا.

وقوله: {إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} أي بقضائه وقدره {كِتَابًا مُؤَجَّلًا} (كتابًا) هذه مصدر مؤكد للجملة التي قبله، أي أن الموت مكتوب كتابًا مؤجلًا محددًا بحد معلوم لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، هذا الكتاب يكتب في عدة كتب؛ يكتب في ليلة القدر بأنه سيموت في اليوم الفلاني في الساعة الفلانية من الشهر الفلاني، وهذه كتابة سنوية، ويكتب أيضًا إذا كان الإنسان في بطن أمه حين يبعث إليه الملك ويؤمر بِكَتْب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. ويكتب في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فهذه كتب لا تتغير.

{كِتَابًا مُؤَجَّلًا} لا يزيد ولا ينقص.

{وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}:

<<  <  ج: ص:  >  >>