الفرج. وتتقوا فيما تعاملونهم به؛ لأن الإنسان مطالب بالنسبة لهؤلاء الكفار بأمرين: الأول: الصبر على ما فعلوا، والثاني: أن يتقي الله فيما يفعل بهم.
وقوله تعالى:{لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} يعني ولو آذوكم فلا يضركم، والكيد هو التوصل إلى الإيقاع بالخصم بالأسباب الخفية، وهو بمعنى المكر وبمعنى الخداع، وهو ثابت لله عزّ وجل أي أن الله يوصف بالمكر والخداع والكيد في مواطنها بخلاف الخيانة، فإن الله عزّ وجل لا يوصف بها لأنها صفة ذم فى كل حال، وفي قوله:{لَا يَضُرُّكُمْ} هو قراءتان: إحداهما (لا يَضُرُّكم) والثانية (لا يَضِرْكم) من الضَّير، والضَّير بمعنى الضرر وبمعنى الضيم فهو ضرر بضيم، ومنه ما جاء في حديث رؤية الله تعالى حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تَضَارون ولا تُضَارون"(١) أي لا يلحقكم ضير، فتكون القراءتان كل واحدة منهما أفادت معنى غير الأخرى؛ لأن مطلق الضرر دون مطلق الضير، فالضير أشد، فهم لا يلحقونا بضرر ولا بضير.
وقوله:{شَيْئًا} نكرة في سياق النفي فتكون عامة، يعني أي شيء يكون. ولكن يلحقهم من ذلك أذى؛ لقوله تعالى:{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}[آل عمران: ١٨٦] ولكن لا
(١) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة الفجر، رقم (٥٧٣). ورواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، رقم (٦٣٣). ورواه الترمذي، كتاب صفة الجنة بلفظه، رقم (٢٥٥٤).